بين الوحي والهوى
بين الوحي والهوى
إن البشر يختلفون في عقولهم ونفوسهم وأهوائهم ومصالحهم، وبالتالي لن يجتمعوا اجتماعًا تامًّا على حقوق معينة، أو تحديد الحق من غيره، فالحياة لا تستقيم مع إطلاق الأهواء والشهوات لأن الحرية المطلقة هي أول خطوة في الفساد المطلق، وبالتالي لا بد من مُشرِّع أعلى حكيم يضبط كل تلك الأهواء، فالوحي هو الحق المُطلق، وبالتالي الوحي ضد الهوى، كما في قوله تعالى ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾.
ولكن الكثير من النسويات يعترضن على الأحكام الشرعية المتعِلّقة بالمرأة، مثل حق الرجل في القوامة، فهي تفهم القوامة في مفاهيم الاستعلاء والتحكم والسيطرة والأمر والنهي، وابتعدت عن مقصد القرآن الحقيقي بالقوامة، وهو الإنفاق على البيت والأسرة والقيام بخدمة من في البيت، فهي ترى العلاقة بين الرجل والمرأة تقوم على الروح الجنسية الصراعية، على عكس الإسلام الذي يستمدُّ مفهوم القوامة من المودة والرحمة والتعاطف والمحبة.
كما تدعو النسويات إلى إسقاط الولي وإباحة التعارف قبل الزواج، والحقيقة أن المشكلة في آلية التعارف هي الوقوع في الخلوات والمحرمات وعدم غض البصر، وبالتالي تجرُّ المعصية أختها حتى تقع والعياذ بالله في الرذيلة، فالمقصد الأول للإسلام تجاه المرأة حفظها وتكريمها، وأن يكون الوصول إليها بطريق مُشرف يُقدر مكانتها.
وتعترض النسويات أيضًا حول عدَّة الزوجة عند وفاة زوجها، فهي ترى أن بعض الأحكام الشرعية تاريخية ولا بد أن تجدَّد، ولكن كما تم ذكره فلو لم يصل الإنسان إلى الحكمة من حكم معيَّن، فإن أول حكمة فيه هو التعبُّد لله (عز وجل) بالتسليم لأمره، والانقياد لحُكمه تعظيمًا له (سبحانه وتعالى)، فقد اتفق العلماء على أن العدَّة من الحقوق المشتركة بين الله تعالى وبين العبد، ولكن حق الله فيها غالب.
الفكرة من كتاب النِّسوية وصناعة الدهشة.. حقائق وعوائق
في العصر الحالي صار الغزو الفكري مُقدَّمًا على كل غزوٍ آخر، فهو الأوفر من ناحية الخسارة والأضمن في تغيير المُستهدف، فيبدأ المُستهدف بالانسياق تجاه العدو بشكلٍ لا واعٍ، وبالتالي يكون عونًا للمُستعمر بعد أن كان هدفًا له، هكذا هي حرب عالم الأفكار!
ومن تلك الأفكار أو الاتجاهات: النِّسوية، والتي ظهرت أمام الوطن العربي تحت مظلة “حقوق المرأة”، وقد صنعت الدهشة الساحرة للكثيرين، حتى صاروا أتباعًا لها دون التمييز بين الحق والباطل.
خلال هذا الكتاب يُبيِّن لنا مؤلفه العوائق الفكرية والمغالطات المنطقية التي وقعت فيها النسويات العربية، وخصوصًا النسويات في المملكة العربية السعودية.
مؤلف كتاب النِّسوية وصناعة الدهشة.. حقائق وعوائق
فهد مُحمد الغفيلي: مُفكِّر وباحث سعودي، مُهتم بالقضايا الفكرية المُعاصرة، وتأثيرها في المُجتمع السعودي، وأهم تلك الأفكار تأثير الحركة النِّسوية.
من مؤلفاته: “الفلسفة السيداوية والنِّسوية السعودية”، و”الزواج المُبكِّر وتحديد سن الزواج”، و”نظرات في المواساة بين الجنسين”.