بين الواقع والتاريخ
بين الواقع والتاريخ
كيف حالُ واقعنا؟ ألم يحِن الوقت لنكسر ثقافة الصمت ونبدأ نقدًا منهجيًّا؟ نحن بالكاد نقف على أرجلنا بدلًا عن الوقوف على سنواتٍ طويلة من التجارب والخبرات؛ يجب أن نشعر بواقعنا ونقرأه، ثم ننقده، فنشخِّص وضعه تشخيصًا سليمًا ونفهمه فهمًا رشيدًا، فنستنتج علاجًا صحيحًا ونسعى للتغيير وفقه، فنحن بحاجة إلى شجاعةِ مواجهة النفس بصدق، وإلى الوعي بأن هذا ليس من أجلنا وحدنا، لأننا حملةُ هذا الدين الذي تنتظره البشرية ليكون خلاصَها ونجاتها، وهو أعظم من أن نكون مستقبَله ونحن في هذه الحال المتردية المزرية!
نحن في حاجةٍ إلى يقظةٍ حقيقية، واليقظة كما يقول الإمام ابن القيم (رحمه الله) هي انزعاج القلب لروعة الانتباه من رقدة الغافلين، وطريقنا إليها فيه مراجعة يتبعها ندم، وفكرة واضحة وبصيرة نافذة وعزم على التصحيح، فآدم (عليه السلام) حين نُبِّه تنبَّه وتاب، أما إبليس فقد دافع عن نفسِه وجاء بالمسوِّغات وتكبَّر.
ولا تكون مراجعتنا كاملة الأركان إلا بشجاعة مواجهة الأحداث التي شكَّلت تاريخنا، بمراجعة التاريخ الإسلامي كله وصولًا إلى التاريخ الحديث والمعاصِر، ونراعي في ذلك أن كون المنتج إسلاميًّا لا يعني أنه يُمثِّل الإسلام، بل هو منتج بشري قد يرتقي وقد ينحدر، فالخلافة الإسلامية التي سقطت في عام 1924م كانت إسلامية في الشكلِ الخارجي فقط، وكذلك ننتبه لتغييرات الفكر السياسي الذي يرسم علاقةَ المجتمع بالسلطة، وإلى أن كثيرًا من ثوراتنا قامت ضمنيًّا على شعار “نحن أحق بالملك منكم”، وجعلت الخصومة مع الحكام ومؤسساتهم لا مع الظلم والاستبداد نفسِه، والظلم والاستبداد لا ينشآن في السلطة، بل هي طباع في المجتمع تظهر إن وجدت فرصة ويمارسها كلٌّ في دائرته حسب استطاعته، نظن أننا في حاجة فقط إلى صفوة تقود الجماهير إلى التغيير، لكن الجماهير أنفسهم استقرت فيهم المفاهيم البالية حتى غدوا يدافعون عنها!
الفكرة من كتاب رصد الظواهر.. هكذا نحن
هل يعرف المسلم المعاصر نفسَه؟ هل يدرك دورَه في حركة التاريخ؟ هل يملك رؤية واضحة لواقعه؟ لماذا لا نتغير؟ ما الذي يعوق نهضتنا؟ تساؤلات تُثير تساؤلات أخرى، وتبعث في النفسِ شجونًا…
يحدِّثنا الكتاب عن الطريق إلى التغيير، عن القراءة والنقد، وعن الواقع والتاريخ، وعن المحن والسعادة، وغيرها؛ محاوِلًا سطر إجابات لتلك التساؤلات…
مؤلف كتاب رصد الظواهر.. هكذا نحن
إبراهيم أحمد العِسْعِسْ، مفكر إسلامي وداعيةٌ أردني، حاصلٌ على الماجستير في الحديث النبوي الشريف وعلومه، ويدرس الدكتوراه في التخصص ذاته، وهو محاضر سابق بجامعة اليرموك، ومتفرغ حاليًّا للعمل الدعوي والفكري.
له عديد من المقالات والمحاضرات على شبكة الإنترنت، ومن كتبهِ: “الصداقة والأصدقاء”، و”دراسة نقدية في علم مشكِل الحديث”،و” السلف والسلفيون: رؤية من الداخل”، و”الأمة والسلطة باتجاه الوعي والتغيير”.