بين المغضوب عليهم والضالين
بين المغضوب عليهم والضالين
الصراط الذي نطلب الهداية إليه قد حاد عنه أقوام، منهم من علموا ولم يعملوا وهم اليهود، ومنهم من فاتهم العلم فضلوا وهم النصارى، وبينهم قوم أنعم الله عليهم بالهداية، على أن الإنعام بصورة جماعية لم يرد في القرآن إلا لبني إسرائيل، أول أمة أنعم الله عليها بالكتاب ليخرجها من الذل والهوان الذي رزحت تحته قرونًا طويلة، فما كان منهم إلا أن قابلوا النعمة بالكفر والجحود وَسَيِّئِ الأخلاق، والأدهى هو تحريف الكتاب بتغيير لفظه أو معناه ليحمل دلالات غير التي نزلت عليهم، فاستحقوا صفة غلظة القلب وتحجُّره، وأيضًا أن يلحقهم الغضب.
قريبًا من ذلك يأتي الضلال التي استعملت في القرآن في سياقات كثيرة وواسعة، لكنها في الفاتحة يُعنى بهم النصارى الذين ضلُّوا أيضًا في التعامل مع كتابهم؛ فقد كانوا مُستَلَبِي الإرادة ومنفتحين على الآخر بلا حدود تحفظ هويتهم، هذا الآخر المنتصر كان هو الدولة الرومانية الوثنية، واعتقد ناشرو الدعوة المسيحية أن الدين بتكاليفه الصعبة لن يفلح في إقناع الناس باتباعه مع ما يجرُّه عليهم من أحوال عسيرة، فبدأت الدعوة تتماهى مع العقائد السائدة، حتى إذا طال الأمد وأعلنت المسيحية ديانة رسمية للإمبراطورية لم تكن وقتها تحمل من المسيحية الحقة إلا اسمها فقط، فضلُّوا وأضلُّوا.
بين هؤلاء وأولئك، يبرز المذهب القويم والصراط المستقيم الذي ينفتح على فهم الكتاب الخاتم ولا يتماهى مع السائد مهما اشتدَّت شوكته.
الفكرة من كتاب عالم جديد ممكن.. الفاتحة: العدسة اللاصقة على العين المسلمة
يحاول الكاتب البحث في أعماق السورة التي يبدأ بها المصحف، ولا تتم الصلاة إلا بها، وقد تكون، إذا أمعنا النظر قليلًا في آياتها، عدسة تغير نظرتنا إلى أنفسنا والكون من حولنا.
مؤلف كتاب عالم جديد ممكن.. الفاتحة: العدسة اللاصقة على العين المسلمة
الدكتور أحمد خيري العمري، طبيب أسنان وكاتب عراقي مهتم بالتجديد الديني، له عدة مؤلفات أهمها “البوصلة القرآنية”، و”سيرة خليفة قادم” و”استرداد عمر من السيرة إلى المسيرة”، وغيرها، يحاول تقديم منهج منضبط يتجاوز الجمود الحادث وتفلت الموجات التجديدية.