بين الرسول والنبي
بين الرسول والنبي
هل ثمة فرق بين الرسول والنبي؟ يزعم البعض أن السياقات التي ورد فيها لفظ “الرسول” كانت مرتبطة بالطاعة، وعلى هذا فنحن في حل من الارتباط بأوامر “النبي” وكل ما ورد في سنته وكل ما كانت عليه حياته، وحيث إن الوارد في التشهد هو السلام على النبي، فلا بد أن يكون هناك معنى لا يفصل بين المصطلحين بل يكامل بينهما.
يرى الكاتب أن عبارة “كل رسول نبي” ليست دقيقة طبقًا للوصف القرآني، بل إن كل نبي رسول بالضرورة ﴿وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ﴾، وقد ذكر القرآن ثلاث فئات: فئة رسل لم يقل عنهم أنبياء، وفئة رسل وأنبياء، وفئة أنبياء لم يقل عنهم رسل، وورد لفظ “النبوة” في القرآن مقترنًا بالكتاب والحكم في قوله تعالى ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾.
إذًا، ما الحد الفاصل بين النبي والرسول؟ مهمة الرسول ترتكز على الفكرة بشكل أساسي، بينما النبي، بالإضافة إلى إيصال الفكرة، مخوَّلٌ بوضع الفكرة محل التنفيذ عبر إيجاد البديل للوضع القائم، ليس فقط بإنقاذه المجتمع من الهلاك بل بإيجاد بديل جديد للوضع الراهن.
لأجل كل هذا كان النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- خاتم النبيين، وهو ضمنًا خاتم الرسل، قال تعالى ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ ويؤكد ذلك أن القرآن لم يخاطبه بلفظ “النبي” إلا في العهد المدني الذي شهد بناء المجتمع الإسلامي الجديد، بعد التأصيل النظري في المرحلة المكية التي كان الخطاب فيها بلفظ “الرسول”، مع التأكيد على عدم إلغاء مصطلح “النبي” لمصطلح “الرسول”، فالمرحلة المدنية لم تنسلخ عن المكية بل احتوتها وكانت مكملة لها، وهذا ينبهنا لأن التطبيق لا يمكن أن ينفصل في أي مرحلة من المراحل عن النظرية، خصوصًا مع الصدمات الأولى لتطبيق النظرية على أرض الواقع.
الفكرة من كتاب سدرة المنتهى.. حجر النهضة: منصة الانطلاق
ها قد وصلتَ إلى ختام الصلاة وجلستَ لتتلوَ التشهد الأخير، كم استغرق الأمر منك؟ خمس دقائق، عشر، عشرين؟ ليس بالوقت الكثير لكن أثره عظيم.
التأمل في الجمل المكونة للتحيات يفتح لنا آفاقًا واسعة، عن الحياة الطيبة والخير والبركة، عن النبي وآله، عن أنفسنا وكهوفها المظلمة التي نرجو إضاءتها، إنها المحطة الأخيرة قبل الانطلاق.
مؤلف كتاب سدرة المنتهى.. حجر النهضة: منصة الانطلاق
الدكتور أحمد خيري العمري، طبيب أسنان وكاتب عراقي مهتم بسؤال النهضة المعتمد على الجذور القرآنية، له عدة مؤلفات أهمها “البوصلة القرآنية”، “سيرة خليفة قادم” و”استرداد عمر من السيرة إلى المسيرة”، وغيرها.