بين الجاهلية والإسلام
بين الجاهلية والإسلام
كان في الجاهلية ميل عن الفطرة السليمة، فكان المشركون يتعبَّدون بترك أكل الطيبات من الرزق وترك زينة الله التي أخرج لعباده، وكانت المرأة تخرج متبرِّجة مبدية مفاتنها، وينظر بعض القوم إليها نظرة هابطة، ولكن مع تقرير ذلك فإننا لا نغفل أنه كان لعقلاء العرب اعتناء بمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، فقرر الإسلام الصحيح وزاد عليه، وأبطل العقائد والأخلاق الفاسدة وكان عند بعض أهل الجاهلية اعتناء بالخمار والحجاب إذ ورَد ذلك في أشعارهم.
ثم سطعت شمس الإسلام الذي أعطى المرأة مكانتها الحقيقية وصانها فوضع وصفًا خاصًّا لثيابها وحجابها، وأمر المسلمات أن يستترن، وأن يضربن بخمُرهن على جيوبهن، وأن يتركن تبرج الجاهلية الأولى، فما كان منهن إلا الاستجابة، فكانت المرأة المسلمة قمرًا أطلت بسترها نورًا وسرورًا، ويكتمل لباسها بالجلباب حال خروجها، استجابة لأمر الله تعالى لرسوله (صلى الله عليه وسلم) أن يأمر نساءه وبناته ونساء المسلمين بإرخاء جلابيبهن إذا أردن الخروج لحاجتهن.
وتختلف تعريفات الجلباب، إلا أن الأقوال تجتمع على أنه الثوب الذي يستر جميع البدن إلا ما استثنى، ويكون بذلك طويلًا تُرخيه المرأة قدر ذراع أو شبر، كما أخبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أم سلمة في الحديث، وتكون ثياب المرأة المسلمة أيضًا فضفاضة لا تصف جسدها ولا تشف، فتجتنب وصف الكاسيات العاريات اللاتي لا يجدن ريح الجنة، وهي بهويتها الخاصة لا تتشبَّه بالرجال، وتترفَّع عن لباس الشهرة والخيلاء، وترتدي الجميل من الثياب إظهارًا لنعمة الله.
والجمال الأنثوي إشارة إلى عظيم صنع الباري، ويصعُب أن يُتصوَّر الجمال الحقيقي بغير الفضيلة، وقد عُني الإسلام بزينة المراة مُراعاةً لأنوثتها فرخَّص لها ما لم يرخِّص للرجل ولكنه وضع ضوابط تُفرِّق بين التبرُّج المحرم والزينة المباحة، فلا تستميل شهوة رجل بالسفور، ولا تظهر بزينتها أمام الرجال الأجانب، والمرأة عند ارتدائها اللباس الشرعي لا تضع مجرد خرقة على رأسها، بل حجابها سمت وشعار له آداب خاصة، وبهذا الستر يحضر الجمال الحقيقي، جمال الروح، ونذكر قول مصطفى صادق الرافعي: “المرأة للرجل: نفس لنفس، لا متاع لشاريه”.
الفكرة من كتاب وشاح القمر.. المرأة بين الحجاب والسفور
يصف العنوان المرأة بأنها قمر، ويشبِّه حجابها بوشاح يزيدها جمالًا، ويأخذنا هذا الكتاب في جولة تاريخية نرى فيها أن الحجاب ليس أمرًا إسلاميًّا بحتًا كما نظن، وإنما الحجاب والاحتشام خُلُقُ بادٍ على مر الزمان، ثم نرى كيف سطعت شمس الإسلام على المرأة العربية لتنقلها من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام، ثم نشاهد انتقال أوروبا من الاحتشام إلى السفور، وتأثر دول العالم الإسلامي بحركة تحرير المرأة.
مؤلف كتاب وشاح القمر.. المرأة بين الحجاب والسفور
سارة النوري، والدكتور فاطمة سامي، ومنيرة الذكير، وأسماء الشطي، ومها المنيع من مجموعة “إيوان: تأصيل وتبيان” التي تهدف إلى التأصيل لفقه المرأة المسلمة من خلال نشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وترتيب لقاءات وبرامج علمية عن بُعد، وهذا الكتاب هو أول إصداراتها من الكتب بالتزامن مع مبادرتها التوعوية “قمر” لتعزيز مفهوم الاحتشام والستر.