بين الإسلام والماركسية
بين الإسلام والماركسية
من بين أيديولوجيات القرنين الماضيين كانت الماركسية الأكثر رفضًا للدين وفكرة الإله عمومًا، وحينما سُئل ماركس عن الدين قال: “إنني أستاء من الآلهة”، و”يجب استدلال العكس من أجل إثبات وجود الله، بحيث لما لم يكن للطبيعة نظامٌ صحي فالله موجود”.
وعند تحليل الكاتب لمقولات ماركس تجده متأثرًا بفكر العوام، إما هذا وإما أنه يلعب على الوتر الجماهيري ليجذب الناس إلى فكرته دون مجهود في الإقناع، وكارل ماركس هنا يدَّعي أن النظام الطبيعي الثابت المستقر دليل على عدم وجود الله، وأن عدم وجود معجزات أو خوارق للعادة يجعل من تصديق فكرة الإله عبثية بالنسبه له، ورد الكاتب أن هذه مغالطة منطقية لأن مجرد وجود ناموس ثابت للكون والطبيعة المستقرة والدقة اللامتناهية في كل التفاصيل هي بالأحرى مدعاة للإيمان بالله الخالق الذي أبدع هذا النظام الإلهي، لكن ماركس بشكل أساسي كانت حربه مع الديانة المسيحية حتى وإن تكلم بصورة عامة عن الإله والدين.
أما الماركسيون العرب فكانوا يدركون جيدًا صعوبة الترويج لأفكار ماركس في الدول الإسلامية، وأن المسلمين لن يقبلوا تلك الأفكار أو يطرحوها للمناقشة من الأساس، وكان الحل المثالي لمواجهة ذلك هو محاولة التوفيق بين الماركسية والإسلام وتهجين المبادئ وإرساء قواعد جديدة تلائم أهدافهم وتسمح بغرس الأفكار الشيوعية شيئًا فشيئًا، ظنًّا من المفكرين العرب أن الإسلام يشترك مع الشيوعية في الأهداف والغايات النهائية، ألا وهي تحقيق المساواة بين كل الأفراد وتحجيم الصراع الطبقى فى المجتمع، لكن هذه مغالطة أخرى لأن اشتراك المذاهب المختلفة في الغايات لا تعني تقارب الأيديولوجيات، بمعنى أنها من الممكن أن يشترك أيديولوجيتان في أهدافهما لكنهما على طرفي النقيض الفكري.
الفكرة من كتاب الإسلام ومدارس الغرب
“إن الإنسان ابتعد عن نفسه ونسيها بقدر ما اهتمَّ بالعالم خارجه وتقدم فيه”، بهذا الاقتباس افتتح الكاتب كلامه عن تجاهل الإنسان البحث في نفسه وروحه وتفسير أصالته في العصر الحديث، ولذلك ابتعدت السعادة عن حياته وصار يبحث عن تلك السعادة الغائبة في كل مكان إلا نفسه، وطالما لم يجد الطريق الحق لفهم نفسه فلن يصل إليها.
يتحدث الكاتب بدايةً عن المدارس الغربية الفلسفية التي تفسر وجود الإنسان وماهيته، ثم يوضح التصورات الوجودية المختلفة عن الإنسان، ويطيل الحديث عن الماركسية وأفكارها وفشلها، ويفسر لماذا يتجاهل الإنسان الغربي الطريق الديني ويتجه إلى الإلحاد؟ مُبينًا قيمة الإسلام ودور المثقفين المسلمين وموقعهم من العالم الآن.
مؤلف كتاب الإسلام ومدارس الغرب
علي شريعتي، مفكر إيراني مسلم شيعي ولد في خُراسان 1933 وتخرج في كلية الآداب وذهب في بعثة إلى فرنسا لدراسة علم الأديان وعلم الاجتماع ليحصل على شهادة الدكتوراه، تُعد كتبه وأفكاره من ضمن العوامل التي أسهمت في الثورة الإيرانية والإطاحة بنظام الشاه، من أهم مؤلفاته: “مسؤولية المثقف”، و”العودة إلى الذات”، و”الإسلام والإنسان”، و”بناء الذات الثورية”.