بيت الكُرماء
بيت الكُرماء
ليكون البيت روضةً من رياض الجنَّة، على الأبوين أن يكونا مستقيمين مؤمنين يقومان بمسؤولياتهما على أتمِّ وجه، فلا بدَّ أن يكون كل شيء في نصابه، كما أن عليهما أن يثقا ثقة كاملة بالله (عز وجل)، وألَّا يقصِّرا في الأخذ بالأسباب في كلِّ أفعالهما، وذلك لأن الأخذ بالأسباب بمثابة الدعاء الفعلي، كما أن التحلِّي بطيب الأخلاق والصدق واستشعار أنهما محل نظر الطفل، كلها عوامل مهمَّة في تحقيق السكينة والطمأنينة.
وبالتأمُّل في الصفات الواردة في الآية الكريمة الجامعة لطيب الأخلاق ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾، فالتحلّّي بتلك الصفات ترفع العبد ومن ثمَّ ترفع بيته، وحين يرى الطفل تلك النماذج يطبع في ذهنه أن هذا هو النموذج الذي يجب أن يكونه.
فالعبرة ليست بالكم وإنَّما بالكيف والارتباط بالجذور المعنوية، والقَبول عند الله، والتربية تبدأ قبل ولادة الطفل، فلا بدَّ من أخذ التدابير اللازمة والطفل لا يزال في بطن أمِّه، وذلك بالغذاء السليم الحلال، ثم حين الولادة يُسمَّى الطفل اسمًا حسنًا، وله حق الرضاعة، ثم التكفُّل بالنفقة عليه وتعهُّده بالتربية الصالحة، وتعليمه الدين والتديُّن والقراءة والكتابة وتلاوة القرآن، فأعظم هديَّة نقدِّمها لأبنائنا هي تلقينه الآداب الإسلامية والآداب المُحمدية.
وإن المسؤول عن رعيَّته لا بدَّ أن يكون قدوة حسنة أمامهم، ولقد أهمل الآباء أولادهم في وقتنا الحاضر بسبب انشغالهم الكلي بالأمور الدنيوية، فأُهملت الفرائض الدينية في سبيل الحياة الدنيا، فاحترام الطفل وإنزاله منزلة الكبار، والعدل بين الأبناء وإشعارهم بالثقة هي عوامل أساسية لا بدَّ من الالتزام بها خلال التربية.
الفكرة من كتاب من البذرة إلى الثمرة
“نحن ثمرةُ أعمالِ السابقين، والأجيالُ القادمة ستكون ثمرةَ أعمالنا، فبدلًا من أن نشكوَ الزمانَ والعصرَ الذي نعيش فيه، علينا أن ننظر إلى ما أُهْمِلنا فيه من عناصر تربويَّة فنستدركَها في أولادنا حتى نُحقِّقَ عملية انبعاثٍ قلبيةٍ وروحيةٍ وشعوريةٍ لنا ولتاريخنا وللأجيال القادمة من بعدنا”؛ بهذا المبدأ انطلق محمد فتح الله كولن في كتابه هذا ليتناول بعض المسائل المُتعلِّقة بالزواج والأسرة والتربية، فكلٌّ من الزوجين يعتمد على الآخر على نحو كبير، فأولى المسؤوليات الملقاة على عاتق ربِّ الأسرة هي اختيار رفيقة حياته، لذا كان مفهوم الزواج عنصرًا مهمًّا لا بدَّ من بناء تصوُّر صحيح عنه، ثم يجب أن يكون الأبوان على علم ومعرفة بالتربية، حتى يتمكَّنا من إنشاء جيل صاحب عقيدة قوية سويِّ النفس، وعلى قدر من الوعي والبصيرة.
مؤلف كتاب من البذرة إلى الثمرة
مُحمد فتح الله كولن: مُفكِّر إسلامي وداعية تركي، وُلِد عام 1941م في قرية كوروجك بتركيا، ونشأ في عائلة متديِّنة، فدرس في المدرسة الدينية في طفولته وصباه، وعندما بلغ العشرين من عمره عُيِّن إمامًا في جامع بمدينة أدرنة، ثم بدأ العمل الدعوي في أزمير في مدرسة تحفيظ القرآن، ثم عمل واعظًا متجوِّلًا، فطاف في جميع أنحاء غربي الأناضول.
أُطلِقَ عليه “أب الإسلام الاجتماعي”، فهو مؤسس وزعيم “حركة كولن”، وهي حركة دينية تمتلك مئات المدارس في تركيا، كما تملك الحركة صحفها ومجلاتها وتلفزيوناتها الخاصة، وشركاتٍ خاصة وأعمالًا تجارية ومؤسسات خيرية.
له العديد من الكتب منها:
إعلاء كلمة الله.
ونحن نبني حضارتنا.
الرد على شبهات العصر.
الاستقامة في العمل والدعوة.