بياناتنا كنز
بياناتنا كنز
بمجرد اتصالك بالإنترنت تبدأ بترك كميات كبيرة من البيانات أو الداتا وراءك، كل موقع دخلته وكل صورة أعجبتك وكل ثانية مرت في أثناء إبحارك اليومي تسجل وتخزن رقميًّا، تخيل حجم الداتا التي ينتجها البشر لدرجة تبلغ مليارات الرسائل والمعلومات والمعطيات، من يمتلك كل تلك الداتا؟ تمتلكها الشركات التقنية الكبرى كآبل ومايكروسوفت وفيسبوك وبالتأكيد العملاق جوجل، بنسبة تصل إلى نحو ثمانين بالمئة من المعلومات، ورغم تعدد جنسيات تلك الشركات فهي ذات أصول أمريكية.
الهدف النهائي لاستخدام الداتا هو دراسة كل شيء متعلق بالمستخدمين لمعرفة ماذا يفعلون ويحبون أو يكرهون، وكيف يفكرون وبماذا يشعرون، وبيع تلك المعلومات للمعلنين والشركات الأخرى، ولكن الهدف ليس تسويقيًّا فقط، بل له جانب سلطوي وسياسي أيضًا يتمثل في تعاون عمالقة الداتا مع الأجهزة الأمنية والسياسية لفرض مزيد من الأمن، متخذين من شعارات محاربة الإرهاب حججًا لزيادة التعاون وتسريع وتيرة رقمنة كل معاملات الأفراد لمراقبة كل شيء.
ولكن المفارقة أن الإنترنت يهوّل من تأثير العمليات الإرهابية، فمنذ عام ألفين وواحد وحتى عام ألفين وثلاثة عشر قُتِلَ نحو ثلاثة آلاف شخص نتيجة العمليات الإرهابية، بينما قُتِلَ نحو أربعمئة ألف شخص نتيجة حوادث رصاص، ويبشر المتخصصون بنهاية عصر السلطة التقليدية السياسية وبزوغ عمالقة شركات الداتا وتحكم أفرادها في مصير العالم دون التعرض للمحاسبة، وإذا عرفوا عن الأفراد كل شيء لدرجة التنبؤ بخطواتهم القادمة، فهذا يعني نهاية عصر الديمقراطية، فلماذا سنختار بينما يمكنهم التنبؤ باختياراتنا؟!
الفكرة من كتاب الإنسان العاري.. الدكتاتورية الخفية للرقمية
كتب جورج أورويل روايته الشهيرة “1984” عن عالم خيالي، أفراده مراقبون باستمرار من الحاكم الذي يطلق عليه الأخ الكبير، فما مدى تشابه عالمنا الرقمي مع عالم جورج أورويل؟ منذ أن تفتح عينيك وتتصل بالإنترنت تبدأ مراقبتك، فالداتا تحل محل الأخ الكبير، وتتشابه الرغبة في السيطرة لديه مع شركات الداتا العملاقة، فلماذا ترى المؤسسات التكنولوجية العملاقة بياناتك كنزًا ثمينًا؟ وما تأثيرات العيش في عالم رقمي في إدراكنا ووعينا؟ أين ذهبت الخصوصية والمراقبة السياسية لتكنولوجيا المعلومات؟ وهل ستقودنا الداتا إلى عالم تسيطر عليه الآلات وتستعبد البشر؟
مؤلف كتاب الإنسان العاري.. الدكتاتورية الخفية للرقمية
مارك دوغان : كاتب صحفي وروائي ومخرج سينمائي فرنسي، ولد بالسنغال عام 1957م.
كريستوف لابي: مؤلف وصحفي بمجلة لوبون الفرنسية.
معلومات عن المترجم:
سعيد بنݣراد | Said Bengrad: مفكر وباحث وأستاذ السيميائيات بكلية الآداب جامعة محمد الخامس أكدال بالرباط بالمغرب، وهو المدير المسؤول لمجلة “علامات”، وهي مجلة متخصِّصة في الدراسات السيميائية، نشر عديدًا من المؤلفات منها:
مدخل إلى السيميائية السردية.
البحث عن المعنى.
ومن ترجماته:
-أنا أوسلفي إذن أنا موجود.. تحولات الأنا في العصر الافتراضي.