بيئة ملوثة
بيئة ملوثة
قد تسعى جاهدًا إلى المحافظة على نظامك الغذائي وتوازنك الصحي إلا أنه لا مفر من التأثير البيئي في صحتك، ففي ظل العالم الصناعي الذي نعيشه اليوم لا نكاد نسلم من تلوث الماء أو الطعام وحتى الهواء الذي نستنشقه من حولنا، فمخلفات المصانع أعطتنا وفرة في المنتجات الاستهلاكية من جهة، ومن جهة أخرى صبت مخلفاتها في شريان حياة الإنسان (الماء)، فإن لم يكن الماء من بئر جوفية أو ينابيع عميقة فعليك أن تفكر مئة مرة قبل شرب أي ماء أيًّا كان، وأن تضمن أنه قد أُجريت له عمليات التعقيم والتنظيف، وليست المصانع وحدها السبب، فالإنسان يضر نفسه بيده أيضًا حين يلقي مخلفاته في نهر أو بركة أو يلقي حيوان جيفة فيها أو بجانبها، جالبًا إلى نفسه التَّيْفُوئيد والكُولِيرا والبِلْهَارْسِيا وغيرها من الأمراض
وأما عن الطعام، فقد يتلوث بسبب البكتيريا، فبكتيريا التَّيْفُوئيد مثلًا التي تصل إلى الألبان ومنتجاتها وتبقى في الجسم نحو عشرة أيام لا يشعر بها المريض حتى تبدأ الأعراض بالظهور، وتنتقل العدوى من حامل المرض عن طريق المصافحة أو استعمال أدواته الشخصية، أيضًا الطفيليات كالدودة الشريطية التي تنتقل إلى الإنسان من خلال اللحم غير المطبوخ جيدًا، وكذلك بعض المواد الكيميائية التي تُستعمل في المبيدات الحشرية قد تنتقل إلى الإنسان من خلال الغذاء.
وأما عن الهواء، فلم يسلم من تطورنا الصناعي، فإحراق القمامة ومصانع الفحم والبترول وضعت بصمتها عليه، فأمدتنا بأول أكسيد الكربون الغاز الذي لا لون له ولا رائحة والمتسبب في التسمم ولو على المدى البعيد، وكلنا يعرف آثار القنبلة النووية في هيروشيما وناجازاكي وكيف عانى منها شعباهما ومن جاء من بعدهم لسنوات طويلة!
وهناك أمراض قد تنتقل من خلال بعض الحيوانات والقوارض، كالجرذان والذباب والحيَّات والعقارب وغيرها، وهذه يُمكن مقاومتها بشكل أسهل من المصادر السابقة من خلال مكافحتها بالمواد الكيميائية وأيضًا من خلال تحصين المناطق السكنية ونحوها عن طريق الهندسة المعمارية.
الفكرة من كتاب مدخل إلى الصحة العامة
كلما تقدم الإنسان حضاريًّا دفع ضريبة ذلك التقدم، إما من ماله وإما من صحته وإما منهما معًا، وقد تكون الصحة في ذيل قائمة أولوياته من غير أن يشعر، فوفرة المطاعم السريعة والمصانع العاملة والحياة المترفة جلبت معها فواتير باهظة يدفعها الإنسان على عتبات المستشفيات ومراكز التغذية والأندية الرياضية، والعاقل من اتبع منهج الوقاية قبل العلاج.
مؤلف كتاب مدخل إلى الصحة العامة
زهير أحمد السباعي: أستاذ طب الأسرة والمجتمع، حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة عين شمس بالقاهرة عام 1963م، وعلى دبلوم طب المناطق الحارة من معهد “برنارد نوخت” لطب المناطق الحارة بهامبورغ في ألمانيا عام 1965م، كما حصل على ماجستير في الصحة العامة من جامعة “جونز هوبكنز” بالتيمور بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1966م، وكذلك الدكتوراه في الصحة العامة من جامعة جونز هوبكنز عام 1969م، وله مؤلفات عدة في هذا الباب منها:
الطبيب: أدبه وفقهه.
تعليم الطب باللغة العربية.
الرعاية الصحية: نظرة مستقبلية.