بيئة المستقبل
بيئة المستقبل
لا تخضع بيئة المستقبل للبساطة نفسها التي تخضع لها بيئة الحاضر، فإذا رجحنا أن نِصْف التقدم التكنولوجي سيحجم المشكلات الناتجة عن نصفه الآخر فإن بعض التوجس ما زال يحيط بنا في ما يتعلق بما قد تسببه تكنولوجيا المستقبل من كوارث، ويكثر الحديث عن وقوع حرب نووية وعصور جليدية مُنتَظَرَة وتدمير الأوزون، لكن لنحاول التفكير بعقلانية، لا يخفى على أحد أن النمو بحذر وبصيرة خير من اللا نمو، وأن بعض الناس يفضلون المخاطرة في سبيل تحسين أوضاعهم وإن كانت المخاطرة تعني التعرض للموت، فما زال العالم يجري التجارب النووية رغم حالات السرطان التي يخلفها على الجزر المجاورة، وما زال الناس يفضلون السيارات رغم حوادث المرور، ويستمرون في تشييد المباني رغم وَفَيَات العمال، قد تبدو الفكرة غير أخلاقية لكن هكذا تسير الحياة.
وبالنظر إلى الأمور من زاوية أخرى نجد أن الأحداث المستقبلية ليست كارثية بالمعنى الحرفي أو على الأقل ليس جميعها، فبافتراض ارتفاع درجة حرارة الأرض وذوبان الغطاء الثلجي في المحيط القطبي، فلن يشكل الأمر كارثة لأن ثلج المحيط القطبي كتلة طافية، بل إننا لا نبالغ في التفاؤل حينما نرى أن رمال المناطق الصحراوية ستتحول جراء ذلك إلى مساحات خضراء.
لكن الخطر الذي نتلمسه حقيقة هو أن يطور العلماء جرثومة أو فيروسًا لا نستطيع ردعه، وهناك أخطار أخرى تستهدف طبقة الأوزون وتتمثل في ارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون، وغاز الفريون الذي يطلق غاز الكلور ليتفاعل مع الأوزون ويؤدي إلى نفاد جزء من الغشاء الواقي.
الفكرة من كتاب العلم بعد مائتي عام: الثورة العلمية التكنولوجية خلال القرنين القادمين
ضمت سبعينيات القرن الماضي ضربات قاصمة، تجارب مميتة وتكنولوجيا مدمرة وموارد محدودة وأفواهًا جائعة تتزايد باطراد، وعلى الصعيد السياسي ظهرت حركات تحرر وسباقات تسلح وحرب نووية يوشك أن يُشعَل فتيلها، واكتملت الظلمة بأزمة البترول التي افتعلها العرب، أو هكذا يرى الكاتب.
هذا التسلسل السريع للأحداث عدَّه البعض جرس إنذار لإقناع العالم بتغيير وجهته، وعدَّه الآخرون مجرد خوف مفرط ومبالغة في الحذر، وكان كاتبنا من النوع الأخير.
الكتاب أصدره معهد هدسون في السبعينيات إبان احتفال أمريكا بمرور مئتي عام على استقلالها، يبدي وجهة النظر الأمريكية على المخاطر التي شغلت الرأي العام تلك الفترة، كمخاطر النمو السكاني والتكنولوجي ونفاد الطاقة والموارد الطبيعية وتلوث البيئة.
مؤلف كتاب العلم بعد مائتي عام: الثورة العلمية التكنولوجية خلال القرنين القادمين
هيرمان كان: عالم فيزيائي ورياضي ومؤسس ومدير معهد هدسون للأبحاث.
وليام براون: عالم فيزيائي درس في جامعة كاليفورنيا، متخصص في الاستراتيجية العسكرية ومهتم بدراسات الطاقة وموارد البيئة.
ليون مارتل: عالم سياسة درس العلاقات الدولية والسياسة السوفيتية في جامعة هوفتر، وله تجربة في المخابرات العسكرية والسياسة، ومهتم بدراسات الأمن القومي الأمريكي.
معلومات عن المترجم:
شوقي جلال: تخرج فـي كلية الآداب جامعة القاهرة قسم الفلسفة وعلم النفس عام 1956م، وترجم للمكتبة العربية أكثر من اثني عشر كتابًا في الفلسفة وعلم النفس، وله عدة أعمال منها:
بافلوف وفرويد.
الأصوات والإشارات.
إفريقيا في عصر التحول الاجتماعي.