بوصلةٌ مفقودة
بوصلةٌ مفقودة
لقد سمّى الكاتب السعي الفردي أو الجماعي نحو تقليد الغرب بالمرض، وأقر بذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) في الحديث الشريف “من تشبه بقومٍ فهو منهم”، وهذا الميلُ إلى تقليد العالم الغربي منبعهُ الشعور بالنقص والدّونية، وهذا يكون نتيجة المقارنة بين الألم والأسى الذي يصيب العالم الإسلامي في مقابل التقدم والاستقرار الغربي، وقد قفز الكثير إلى الاستنتاج السطحي المُبَرِّر لركود الإسلام في الفترة الماضية بأن الإسلام لا يُناسب مقتضيات التقدّم، هؤلاء الناس هم ببساطة “التنويريّون”، في حين أن الحاصل هو العكس تمامًا، فسبب هذا الركود هو تراجع المسلمين وتهاونهم في تطبيق الشريعة الإسلاميّة بشكلها المُنزّل على الرسول (صلى الله عليه وسلم)
وأن الدين مدارُ الدُّنيا ولا فصل بينهما، وأن الحقيقة تكمن في أنه يستحيل الجمع بين طريقة تفكير المسلمين في العصر الحالي، هذه الطريقة المُتراخية المتقهقرة، في مقابل عزّة الإسلام واندماجه في جوانب الحياة كلها، وقد باءت محاولات الإصلاح والعودة إلى الازدهار بالفشل، وذلك بسبب تجنّب الدُّعاة الدعوة لاتباع السنّة المُطهّرة، التي هي حفظٌ للكيانِ الإسلاميّ، والفصل الذي يتم في اتباع جُزء من السنة في الجانب الروحيّ، وترك الجانب الحياتيّ أو الدنيويّ، فصلٌ سطحيّ
بل ويُعزز من المشكلة الحاصلة، وكذلك حصر القرآن والسنة في أنهما منزلين بشكلٍ يناسب أهل شبه الجزيرة العربية القُدماء، ولا يُناسب أصحاب ربطات العُنق في العصر الحديث، وفي هذا بخسٌ شديد للنور الذي أُنزل على محمّد (صلى الله عليه وسلّم)، وفي بعض الاتجاهات يلجأ البعض إلى إثبات القرآن لكنهم ينكرون السُّنة تاريخًا وحدوثًا وتشكيكًا، على الرغم من الأثر التاريخيّ المثبت لحقيقة أثر الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذي لا مثيل له ولا يمكن إنكاره، والذي بالتبعيّة يمنعهم من الكذب في حديثهم عن الرسول (صلى الله عليه وسلّم).
الفكرة من كتاب الإسلام على مفترق الطرق
لقد تراجع المسلمون عن تطبيق الشريعة الإسلاميّة، وقابل ذلك الانبهار الحضاري بالغرب وتقدّمه، ومنبعُ ذلك التفريط في التمسّك بالسنة النبويّة، التي هي تطبيقٌ عمليّ للقرآن الكريم على أيدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابهِ (رِضوان الله عليهم)، وقد تطرق الكاتب في هذا الكتاب إلى أصل المشكلة ومنشأ العداء بين الشرق والغرب، وكيف يمكن للمسلمين أن يعودوا إلى مجدهم، وماذا يمكنهم أن يستفيدوا من الغرب فيه، وما يجب عليهم تجنّبه في تقليدهم والسعي إلى النهوض مرة أخرى على خُطاهم.
مؤلف كتاب الإسلام على مفترق الطرق
محمد أسد: ليوبولد فايس (كما كان يُدعى قبل إسلامِه) وُلد في النمسا عام ١٩٠٠م، من أسرة يهوديّة، درس الفلسفة في جامعة فيينا بالنمسا، وعمل مراسلًا صحفيًّا، وبعد إسلامه عام ١٩٢٦م استقر به الحال في باكستان، عمل مترجمًا، ومفكرًا، ورحّالة، ومصلحًا اجتماعيًّا، وبعد حصوله على الجنسية الباكستانية نظيرًا لجهوده في دعم إقامة دولة إسلاميّة في الهند، تم تعيينه مديرًا لدائرة إعادة الإعمار، ومن ثم تم تعيينه مبعوثًا إلى الأمم المتحدة بنيويورك إلّا أنه استقال من فوره ليتفرغ إلى كتابة سيرته الذاتية، توفي عام ١٩٩٢ بغرناطة في إسبانيا، وله العديد من المؤلفات والتراجم منها: الطريق إلى الإسلام، ومنهاج الإسلام في الحكم، وفي التراجم: صحيح البُخاري، ورسالة القرآن.
معلومات عن المترجم:
عمر عبد الله فرّوخ: لُبنانيّ وُلِد في بيروت عام 1904م، تخرّج في الجامعة الأمريكيّة في بيروت، وحصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعتي برلين ارلنجن بألمانيا، نشأ في أسرة مسلمة متديّنة، واهتم كثيرًا باللغة العربية، ودعى لأن تكون اللغة الأساسية المستخدمة في الصحافة، وأتقن مع العربية الإنجليزيّة والألمانيّة والفرنسيّة، عمِل في التدريس، وتوفّي عام 1987م عن عمرٍ يناهز ثلاثة وثمانين عامًا، ورحلة زاخرة بالمؤلفات والتحقيقات والتراجم.