بنو إسرائيل نحو الانهيار
بنو إسرائيل نحو الانهيار
أصبحت في أورشليم مملكة لبني إسرائيل يحكمها آل داود ولها بعض التفوق الأدبي والثقافي، وما لبثت أن انقسمت بعد ذلك مملكة اليهود الموحَّدة وتكوَّن ما عُرِف باسم “مملكة الأسباط العشرة”، أو “مملكة إسرائيل الشمالية”، وقد أقامها “يرُبعام” وجعل عاصمتها “نابلس” ثم انتقلت العاصمة إلى السامرة “سبسطية”، لكن كانت هذه المملكة مسرحًا لفجائع شديدة من سفك الدماء والمذابح والحروب المستمرة حتى هدمها ملك نينوى “سرجون” ودخلها سنة 721 ق.م. وصمدت أورشليم حتى تم هدمها والسيطرة عليها من قبل ملك بابل “نبوخذ نصر” سنة 586 ق.م، ثم جاء الملك كورش الذي خلَّصهم من استعباد نبوخذ نصر وأصدر مرسومًا أذن فيه لليهود بإعادة بناء مدينتهم؛ لكنهم كانوا في ريبة وخوف شديد بعد أن حوصروا بتهديد الفُرس والإغريق والرومان الذين ظلُّوا يهجمون ويبسطون سلطانهم على المملكة الصغيرة، ومنذ هذه اللحظة ظل اليهود في استعباد واستحقار وقد منعهم جبنهم من الخروج من هذا البؤس، وازداد بؤسهم لما استولى “تيطُس” الروماني على أورشليم سنة 70 م وعمل على تشتيت اليهود.
بالحديث عن طبع اليهود؛ فقد كانوا متمسِّكين بطبائع الزرَّاع والرعاة إلا عدد قليل للغاية، ولم يستطيعوا الاندماج في التطور الحضاري الذي نال حضارات مصر وآشور وغيرها من حولهم، أما عن الحِرَف فلم يكونوا يفرِّقون بينها لكن تعتبر الحدادة أول صنعة مستقلة تظهر عندهم رغم قلة المعادن وبدائيتهم في صناعة الأسلحة، لذا اهتموا بالزراعة وكانوا يصدرون منتجاتهم خصوصًا إلى فينيقية، ففي التوراة ذُكر أن النبي سليمان قد طلب من ملك صور “حيرام” أن يرسل عبيده الماهرين في النجارة وصنع المعادن ليعملوا عنده.
الفكرة من كتاب اليهود في تاريخ الحضارات الأولى
يمتلك اليهود تاريخًا طويلًا للغاية يعود إلى زمن قديم جدًّا، ورغم هذا فالتساؤلات تظل مستمرة حول إسهامات هذا الشعب في الحضارة الإنسانية والمعارف البشرية، فقد مرَّت هذه الأمة التي حملت اسم “بني إسرائيل” بلحظات أصبحت هي صفاتها الرئيسة كالعُزلة الشديدة رغم تعدُّد التنقل والترحال، والعجيب أنهم برعوا للغاية في التجارة والزراعة.
هي أمةٌ حرَّمت الربا على نفسها لكن أجازته للأجانب غير اليهوديين، وهم الذين انعزلوا بأنفسهم ولم يستفيدوا حتى من تقدُّم الأمم التي عاشوا في كنفها أو جوارها، وهم أيضًا الذين عُرِف تاريخهم بالانحلال والوحشية والتحلُّل الخلقي، لكن لفهم اليهود علينا دراسة تاريخهم خصوصًا في فترات الحضارات الأولى، وهذا ما يُقدِّمه ذلك الكتاب.
مؤلف كتاب اليهود في تاريخ الحضارات الأولى
غوستاف لوبون: هو طبيب بشري ومؤرخ فرنسي شهير، اهتم بالكتابة في علوم الآثار والأنثربولوجيا والحضارة الشرقية، وكان أحد أشهر الفلاسفة الغربيين الذين أُعجبوا بالحضارة العربية والإسلامية وإسهاماتها وأيَّد فضلها على الحضارة الغربية، ومن أشهر مؤلفاته:
سيكولوجية الجماهير.
حضارة العرب.
فلسفة التاريخ.
معلومات عن المترجم:
عادل زعيتر: هو مُترجم ومُفكِّر فلسطيني، درس الآداب في الجامعة السلطانية في إسطنبول “عاصمة الخلافة العثمانية”، كما حصل على شهادة الحقوق من باريس عام 1925، وبعد فترة الحرب العالمية الأولى عُيِّن كعضو في المجمع العلمي العراقي، وقد برزت أعماله وترجماته لمؤلفات عديدة أكسبته لقب “شيخ المترجمين العرب”، ومن أهم أعماله:
ترجمة كتاب “العقد الاجتماعي”، للفيلسوف جان جاك روسو.
ترجمة كتاب الرسائل الفلسفية، للمؤلف فولتير.