بنك مصر والتنمية الاقتصادية العربية
بنك مصر والتنمية الاقتصادية العربية
بعد سنوات قليلة من تأسيسه، أخذ بنك مصر زمام المبادرة لإنشاء نوع ما من التكامل الاقتصادي العربي، عبر البحث عن فرص للتعاون الإقليمي في مجال المشاريع الاقتصادية مع الحكومات العربية المختلفة والقطاع الخاص لديها، ويعد اتجاه طلعت حرب إلى التوسع خارج دائرة القطر المصري بمثابة شجاعة تُحسَب له في ظل المخاطر المحيطة وعدم الإلمام الكامل بآليات الأسواق العربية، إلا أن دافع القومية العربية لديه بالإضافة إلى خبرته التي تلقاها عن الاستثمار الأجنبي خلال مشواره الوظيفي كان الأساس الذي شجَّعه لتجشُّم تلك المخاطرة.
ورغم العديد من الصعوبات التي اكتنفت عملية ولوج بنك مصر للأسواق العربية، وفشل بعض المشاريع في بعض الدول العربية، فإن بعضها تكلَّل بالنجاح وزادت عمليات المشاركة بين الاقتصادات العربية والاقتصاد المصري، بالإضافة إلى النجاح في افتتاح فرعين للبنك بالخارج، لكن مع زيادة اتجاه البنك إلى دخول الأسواق العربية عبر شركاته المختلفة، زادت حدة المشكلات والتدخلات السياسية، خصوصًا مع إحياء فكرة إنشاء أسطول بحري تجاري مصري، فزاد الأعداء السياسيون للبنك.
جدير بالذكر أن شركة مصر للنقل والملاحة كانت بمثابة حجر الزاوية للعلاقات المتبادلة بين مصر والعالم العربي، وبعد معركة درامية استطاع البنك في النهاية الحصول على دعم الحكومة المصرية حتى تستمر بالعمل، وفي غضون سنوات قليلة تمكَّنت الشركة من إصلاح خدمة النقل بين مصر والحجاز، وإضافة خدمات جديدة، ما حدا بالبنك إلى محاولة إنشاء فرع له في المملكة العربية السعودية، إلا أن الأيديولوجية الحاكمة في ذلك الوقت وقفت عائقًا أمام تلك المحاولة.
الفكرة من كتاب طلعت حرب وتحدي الاستعمار
كان إنشاء بنك مصر نموذجًا فريدًا للتمرُّد على كل نظريات التبعية الاقتصادية، وأعاد في الوقت نفسه تشكيل العلاقة الجدلية بين المتغيرات العالمية والاحتياجات التنموية، كما برهن على نحو عملي على أن الاستقلال الاقتصادي أحد أهم متطلبات الاستقلال السياسي..
يعد هذا الكتاب قراءة متأنية للشأن المصري في الفترة الزمنية الواقعة بين الحربين العالميتين، كما يتعرَّض لحياة الاقتصادي العظيم طلعت حرب ويتتبع تاريخ إنشاء بنك مصر والنهضة الصناعية المصرية التي قامت على أكتاف مجموعة شركاته، ويتعرَّض كذلك لمحاولات وأد تلك النهضة الوليدة من قِبَل دول الاحتلال.
مؤلف كتاب طلعت حرب وتحدي الاستعمار
إيريك دايفيز Eric Davis: أستاذ العلوم السياسية بجامعة روتجرز، والمدير السابق لمركز دراسات الشرق الأوسط بالجامعة، حصل على درجة الدكتوراه من جامعة شيكاغو، وتم تعيينه باحثًا بمركز كارنيجي لعام 2007-2008 من قبل مؤسسة كارنيجي بنيويورك، حاصل على زمالة من معهد البحوث الأكاديمية الأمريكية في العراق (TAARII) ومنحة من معهد الولايات المتحدة للسلام.
ومن مؤلفاته: “ذكريات الدولة: السياسة والتاريخ والهوية الجماعية في العراق الحديث”، و”جمع الرجال: الدروس المستفادة من قوات البحرية تدريبهم وتدرس لأبنائها”، و”الحكم السياسي في الشرق الأوسط: النفط والذاكرة التاريخية والثقافة الشعبية”.