بنك مصر والأطراف الدولية
بنك مصر والأطراف الدولية
بدأ بنك مصر انطلاقته الثانية في العقد الثاني من إنشائه، حيث توسَّع في إنشاء المزيد من الشركات التابعة لمجموعة مصر، ومن ضمن تلك الشركات كانت أشهر شركات البنك وهي شركة مصر للغزل والنسيج ومقرها مدينة المحلة، وحقَّقت معظم شركات البنك أرباحًا أسهمت في زيادة رأسماله مما أهَّله ليصبح ثاني أكبر بنك في البلاد، بينما مثَّلت مجموعة شركاته أكبر شركة قابضة في السوق المحلية، ورغم تحقيق بعض الشركات بعض الخسائر فإن الدعم المقدم من الحكومة في تلك الفترة كان يسهم في التخفيف من وطأتها، كما أسهمت السياسة الحمائية التي اتبعتها الحكومة لدعم الصناعات الوليدة في إفساح مجال المنافسة أمام شركات مجموعة البنك.
أصبح صعود نجم بنك مصر ومجموعة شركاته يمثل ناقوس خطر أمام رأس المال الأجنبي، ونظرًا إلى الدعم الذي كان يتلقَّاه من الحكومة والبرجوازية الزراعية والحركة الوطنية كان من الصعب محاولة قطع الطريق عليه، لا سيما أن بعض أفراد رؤوس الأموال الأجنبية سارعت للدخول في تأسيس تلك الشركات مما أعطاها مركز قوة إضافية في مواجهة الأطراف الدولية، لذا كانت السياسة المتبعة من قبل بريطانيا هي محاولة احتواء البنك وتطويعه لخدمة المصالح البريطانية.
فبدأت مجموعة شركات بنك مصر –وبخاصةٍ شركة مصر للغزل والنسيج– تأخذ طابعًا دوليًّا ودخلت في حمى المنافسة بين بريطانيا واليابان، وربما كان الضعف الذي أصاب بريطانيا جراء الكساد العظيم أحد أسباب صعود نجم اليابان وغزو المنتجات اليابانية السوق المصري عبر الإغراق الاقتصادي المتعمَّد لتفادي أثر السياسة الحمائية المتبعة من قبل الحكومة المصرية.
الفكرة من كتاب طلعت حرب وتحدي الاستعمار
كان إنشاء بنك مصر نموذجًا فريدًا للتمرُّد على كل نظريات التبعية الاقتصادية، وأعاد في الوقت نفسه تشكيل العلاقة الجدلية بين المتغيرات العالمية والاحتياجات التنموية، كما برهن على نحو عملي على أن الاستقلال الاقتصادي أحد أهم متطلبات الاستقلال السياسي..
يعد هذا الكتاب قراءة متأنية للشأن المصري في الفترة الزمنية الواقعة بين الحربين العالميتين، كما يتعرَّض لحياة الاقتصادي العظيم طلعت حرب ويتتبع تاريخ إنشاء بنك مصر والنهضة الصناعية المصرية التي قامت على أكتاف مجموعة شركاته، ويتعرَّض كذلك لمحاولات وأد تلك النهضة الوليدة من قِبَل دول الاحتلال.
مؤلف كتاب طلعت حرب وتحدي الاستعمار
إيريك دايفيز Eric Davis: أستاذ العلوم السياسية بجامعة روتجرز، والمدير السابق لمركز دراسات الشرق الأوسط بالجامعة، حصل على درجة الدكتوراه من جامعة شيكاغو، وتم تعيينه باحثًا بمركز كارنيجي لعام 2007-2008 من قبل مؤسسة كارنيجي بنيويورك، حاصل على زمالة من معهد البحوث الأكاديمية الأمريكية في العراق (TAARII) ومنحة من معهد الولايات المتحدة للسلام.
ومن مؤلفاته: “ذكريات الدولة: السياسة والتاريخ والهوية الجماعية في العراق الحديث”، و”جمع الرجال: الدروس المستفادة من قوات البحرية تدريبهم وتدرس لأبنائها”، و”الحكم السياسي في الشرق الأوسط: النفط والذاكرة التاريخية والثقافة الشعبية”.