بنت الشاطئ وحلم التألق
بنت الشاطئ وحلم التألق
في الفترة التي قضتها عائشة عبد الرحمن ككاتبة بكلية البنات كان شغفها بالكتابة والصحافة قد عاد إليها فأرسلت قصائدها إلى مجلة النهضة النسائية، وما زالت حتى دعتها صاحبة المجلة للزيارة، ثم عينتها بعد ذلك في المجلة كرئيس تحرير ومدير إدارة في نفس الوقت بأجر، وقد نشرت كذلك قصصًا قصيرة في صحف مختلفة، ثم اختارت أن تكتب باسم مستعار “بنت الشاطئ” -لئلا يعرفها والدها- في الجرائد والصحف المشهورة واليومية، وفي الوقت نفسه كانت تذاكر مقرَّرات البكالوريا لتؤدي امتحانها حتى استطاعت الحصول على “البكالوريا أدبي” صيف عام 1934م، ما يعني أنها أمام أبواب الجامعة الآن، لكن ما من سبيل لأداء امتحانات الجامعة دون انتظام في الدراسة، إذ لن يقبلوا بأن تؤدي امتحانها من المنزل كما اعتادت طوال السنوات الماضية، ما جعلها تفكر في العودة إلى طريق أبيها برًّا به، وكان يريد زواجها من شاب من أبناء شيخ زميله.
ظلَّت عائشة عبد الرحمن حائرة بين مواصلة طريق الجامعة أو الرجوع إلى المنزل والسعي نحو التألق الأدبي لا سيما بعد نجاحها في الصحف والمجلات، فترقَّبت طوابير المتقدمين إلى كلية الآداب كل يوم حتى قرَّرت الالتحاق وتسجيل اسمها في آخر يوم لئلا تفوتها الفرصة وليحدث ما يحدث بعد ذلك. وبالفعل دخلت قسم اللغة العربية بالآداب، ومضت سنتها الأول بحضور المحاضرات الأولى من كل مقرَّر، ومن ثم الاعتذار إلى الأساتذة عن الحضور، فما كان من الطلاب إلا أن قالوا لها إن الحضور إلى محاضرات السيد أمين الخولي لا يُمكن فواتها وإلا ضاعت عليها الفوائد الجمة، فأنكرت ذلك وبخاصةٍ مع ما رأته من ضعف المناهج وعدم ترابطها، لكنها انتظرت حتى جاء العام الثاني إذ لم يكن من نصيبها أن تدرس على يد السيد أمين الخولي في عامها الأول، فباتت ترتقب اللقاء المنتظر طوال الإجازة بين العامين الدراسيين وتتزوَّد فيها بمراجعة ما تعلَّمته من علوم الدين والدراسة النظامية، مؤمنةً بأنها لن تجد عند السيد أمين الخولي شيئًا يفوق كل ما تعلَّمته فتكون نهاية المطاف بالجامعة التي عاشت فيها غُربة نفسية وفكرية وساءها تقلقل أوضاعها وما فيها من عبث.
الفكرة من كتاب على الجسر: بين الحياة والموت
تصف عائشة عبد الرحمن نفسها وكأنها تقف على جسر يفصل بين عالم الحياة الطاغي بآثار زوجها الراحل عنها كما لو أنه حي ماثل أمامها، وعالم آخر ذهب إليه زوجها لكنها لا تملك أن تذهب إليه الآن ولا تخلَّفت عنه بإرادتها، ألا وهو عالم الموت.
تسرد بنت الشاطئ حياتها منذ الطفولة إلى رحيل زوجها عام 1966م في هذا الكتاب معلنةً عن كل التحديات التي خاضتها في سبيل تحقيق أحلامها وأهدافها.
مؤلف كتاب على الجسر: بين الحياة والموت
عائشة عبد الرحمن: أديبة ومفكرة وباحثة وأستاذة جامعية ولدت عام 1913م، وتعرف بـ”بنت الشاطئ”، وهي أول امرأة حاضرت بالأزهر الشريف، وتولَّت العديد من المناصب الجامعية المرموقة ونالت عدة جوائز مختلفة، وتُوفِّيت عام 1998م تاركةً لنا إرثًا مجيدًا بين التأليف والتحقيق، ومنه:
“التفسير البياني للقرآن الكريم”.
“مع المصطفى، مقال في الإنسان”.
“تراجم سيدات بيت النبوة”.
“بطلة كربلاء”.