بناء القصة
بناء القصة
كل شيء له العديد من مراحل البناء، ويمكن اختزالها في ثلاث مراحل هي البداية والوسط والنهاية، وكل ما له بداية ونهاية له قصة، ولا يعني هذا أن البداية والنهاية في القصة بمعناها التقليدي الذي يعتمد على التسلسل الزمني، فتكون البداية هي بداية الأحداث والوسط قلبها وذروتها والنهاية هي لحظة التنوير، بل المقصود بالبداية في القصة الحديثة هو ما يبدأ به الكاتب والنهاية هي ما ينهي به الكاتب قصته، أيًّا كان دورهما في ترتيب الحدث زمنيًّا.
ولكي يبدأ الكاتب بداية موفقة عليه أن يجعلها جذابة مشوقة ذات نبض سريع، إذ إن البداية هي أهم مراحل بناء القصة، فبها يقرر القارئ أن يكملها أو لا، وأكثر ما يهدد انطلاقة البداية شيئان، أولهما المقدمات التمهيدية الطويلة، كالتي تتميز بها القصص التقليدية، حيث يسهب الكاتب في وصف شخصياته والطبيعة من حولها دون أن يصب ذلك في مصلحة القصة، وثاني التهديدات هو العبارات المبهمة التي تدفع البعض؛ رغبة في التميز، لكتابة عبارات متكلفة مبهمة لمجرد التباهي بحصيلتهم اللغوية أو ترفعًا عن البساطة، ما يشكل عائقًا في التدفق السردي لقصته.
وسار العرف التقليدي على أن تكون النهاية هي لحظة التنوير، التي تتجمع فيها كل خيوط القصة لتتكشف فيها الأحداث وتتضح دون أن تترك لخيال القارئ الفرصة، أما في البناء الحديث أصبحت النهاية جزءًا من كيان متكامل واحد اسمه القصة، يستمتع فيه القارئ بكل كلمة فيه من البداية إلى آخر كلمة وصورة فيها دون أن يتعجل الوصول إلى النهاية، لأنه لن يعثر فيها على شيء بمعرفتها، وقد يلجأ بعض الكتاب حديثًا للكشف عن نهاية القصة مع أول سطر فيها، لجعل مصدر التشويق هو كيف وصلت الأحداث إلى تلك النهاية، وبذلك يتحول استمتاع القارئ من انتظار النهاية إلى الاستمتاع بالقصة ككل.
الفكرة من كتاب فن كتابة القصة
تمتاز القصة القصيرة بصعوبتها مقارنة بباقي الألوان الأدبية كالرواية والمسرحية والقصيدة وغيرها، إذ إنها -على عكسهم- لا تعطي الكاتب الحرية في الوصف والتكرار ورسم الصور والأخيلة، بل تفرض عليه أن تخرج في صورة محكمة مكثفة تخلو من أقل قدر من الإسهاب أو الإطناب في السرد، ومن هنا تأتي أهمية كتاب “فن كتابة القصة”، فيضع الكاتب فؤاد قنديل تعريف القصة وعناصرها وما يفرقها عن باقي الألوان الأدبية والقواعد التي تضبط هذا الفن وتميزه.
مؤلف كتاب فن كتابة القصة
فؤاد قنديل: هو روائي مصري ولد في القاهرة بمصر الجديدة عام 1944م، حاصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة وعلم النفس من جامعة القاهرة، وعمل في شركة مصر للتمثيل والسينما عام 1962م، له ست عشرة رواية، وعشر مجموعات قصصية، وعشر دراسات وتراجم وبعض المؤلفات القصصية للأطفال، من أشهر أعماله: روايتي “رحلة ابن بطوطة” و”روح محبات”.