بعد وفاته (صلى الله عليه وسلم)
بعد وفاته (صلى الله عليه وسلم)
تُوفِّي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حُجرة عائشة (رضي الله عنها) ودُفن فيها، ودفن بجواره صاحبيه: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب (رضي الله عنهما)، لتكون هذه البقعة هي الروضة الشريفة التي قال فيها النبي (صلى الله عليه وسلم): “ما بين بيتي إلى منبري روضة من رياض الجنَّة”.
وقد حثَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) زوجاته على لزوم حجراتهن، فكانت السيدتان سودة وزينب تحافظان على وصية رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فلم تخرجا من بيتيهما قط، وامتثلتا بقوله تعالى: ﴿وَقَرۡنَ فِی بُیُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ﴾ إلا إن باقي زوجاته (رضي الله عنهن) خرجن للحج.
وبمرور الأعوام، وفي خلافة الوليد بن عبد الملك كان عمر بن عبدالعزيز أميرًا على المدينة فحدث حادث الحُجرة، وهي أن جدار قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) قد هُدِم، ثم أُعيد بناؤه مع حاجز من سقف المسجد إلى الأرض، ثم أضاف المتوكِّل الرخام من حوله، وجعل له شبَّاكًا من خشب وصندل وأبنوس.
وفي سنة 654 حصل حريق في المسجد النبوي الشريف مما أدى إلى وقوع السقف، فأرسل الخليفة المستعصم بالله الآلات مع الصنَّاع، وسقَّفوا الحجرة الشريفة وما حولها إلى الحائط القبلي، وإلى الحائط الشرقي إلى باب جبريل.
ومع كل خليفة تزداد التوسعة، وتجدَّد الحُجرات، حتى عهد الملك عبدالعزيز بن آل سعود (رحمه الله) جرى بعض الترميمات والإصلاحات في الأسطوانات داخل الحُجرة الشريفة، وصارت نحاسية ملوَّنة باللون الأخضر، مكتوب فوقها: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یَغُضُّونَ أَصۡوَ ٰتَهُمۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ ٱمۡتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡ لِلتَّقۡوَىٰۚ لَهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَأَجۡرٌ عَظِیمٌ﴾، وفي العهد الحالي جُدِّدت الروضة الشريفة، وجدِّدت أسطوانتها، وزيَّنت بالرخام المُزخرف.
الفكرة من كتاب الحُجرات الشريفة سيرة وتاريخًا
إن البيوت الجليلة لا بُد أن تُعرف، ولا بد أن يسعى المُسلم ليتعلَّم منها حتى يكون بيته على نهج هذه البيوت الطيِّبة، وبيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خير بيت! فهو أكمل البشر وأحسنهم، وهو (صلى الله عليه وسلم) مُعلِّم الخلق بأقواله، وأفعاله، وأخلاقه، من غير تعنيف أو تنفير، يرحم الصغير ويوقِّر الكبير.
ولهذا جاء كتابُنا ليُبيِّن الجوانب المُهمة في حياة رسولنا (صلى الله عليه وسلم) من خلال واقعه الحياتي في بيته وحُجرات أزواجه الطاهرات الطيِّبات، وذلك عند معاملته (صلى الله عليه وسلم) معهن، والزائرين لديه، والداخلين إليه.
مؤلف كتاب الحُجرات الشريفة سيرة وتاريخًا
صفوان بن عدنان داوودي: ولد سنة 1960م، عالم مقرئ، وفقيه أصولي، ومحقِّق متقن، ومصنَّف مجيد، على مَكِنَة من علوم العربية والحديث.
ولد بدمشق، وابتدأ طلب العلم صغيرًا، حفظ كتاب الله وجوَّده، وحصَّل الفقه والتفسير والحديث واللغة، درس علوم الشريعة الإسلامية في جامعة مراد آباد في الهند، وحصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه من الجامعة الأمريكية المفتوحة بواشنطن، واستقر بالمدينة المنوَّرة وأخذ عن عُلمائها الكثير من العلوم، والآن يقوم بالتدريس والإقراء في الحرم المدني الشريف، وتخرج به عدد من المشايخ في القرآن والقراءات والفقه والأصول والحديث واللغة.
من مؤلفاته:
زيد بن ثابت كاتب الوحي وجامع القرآن.
أُبيُّ بن كعب صاحب رسول الله وسيد القراء في زمانه.
قواعد أصول الفقه وتطبيقاتها.