بصمة العرب في أعظم اختراع
بصمة العرب في أعظم اختراع
بالحديث عن التدوين، فلا شك أن معرفة البشر للكتابة بالحروف والأرقام هو أعظم اختراع تسبَّب في تدوين المعارف البشرية كلها إلى يومنا هذا، ويعلم المؤرخون أن حروف الكتابة العربية والإفرنجية ترجع إلى مصدر واحد، فالأوربيون قد اعتمدوا على شعوب الكنعانيين والإرميين في اقتباس حروفهم الأولى.
أما الكنعانيون والإرميون بدورهم فقد تدرَّجت حروفهم من حروف مصرية مأخوذة عن الهيروغليفية، لكن الكهنة كانوا حريصين على ألا تنتقل معارفهم، ومع مضي الزمن انتقلت إلى الكنعانيين والإرميين في سيناء ومنها إلى باقي العالم الآسيوي والأوروبي، أما الأرقام فتُعرف حتى الآن عند الأوروبيين بشكل الأرقام العربية.
ويرى المؤرخ إسحاق تايلور أن الإغريق قد أخذوا نظام الأوزان وسك النقود عن البابليين من طريق الإرميين في آسيا الصغرى، إذ إن الإرميين بسبب موقعهم المتمركز ما بين العراق وسيناء كانوا ينقلون معارفهم إلى تلك الأماكن على حد سواء، وبالطبع نهل منهم الإغريق وعرفوا وسائل التجارة والحضارة وصناعة الملاحة كذلك من الكنعانيين الذين تفوقوا في التجارة البحرية، وحتى الطب الذي نبغ فيه أبقراط وجالينوس كان أساسه في أرض كنعان والأراضي المصرية، أما عن أمور الحرب فيُرجح أن القائد القرطاجي المعروف باسم “هنيبال” جاء من أصول عربية.
الفكرة من كتاب أثر العرب في الحضارة الأوروبية
نظن نحنُ أمة الشرق الآن أننا أصبحنا في القاع، وإن تأكَّدت ظنوننا فإننا رغم ذلك لا ننظر إلى الحلول بقدرِ ما نتجادل في مشكلاتنا، والأعجب من ذلك أن الكثير منّا وصل به الحال إلى اتهام ما كان سببًا يومًا ما في انتشالنا من القاع بأنه هو سبب ما نحنُ فيه الآن.
إن الأمة التي تعلمُ ماضيها ستعرف كيف تُصلح حاضرها مهما ساء وضعه، ووجب علينا أن نعرف من نحنُ حقًّا وكيف أضاف أجدادُنا بصمةً في العلوم والفنون كانت هي حجر الأساس لكل ما وصل إليه العالم الآن.
مؤلف كتاب أثر العرب في الحضارة الأوروبية
عباس محمود العقاد (1989-1964م): أديبٌ ومُفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية، ألَّف أكثر من مائة كتاب في شتى المجالات، أشهرها سلسلة العبقريات، والفلسفة القرآنية، وحياة قلم، ويُعد من أهم كتَّاب القرن العشرين في مصر.