بريطانيا في عصر النهضة.. كرة القدم من الكنسية الى الاحتراف
بريطانيا في عصر النهضة.. كرة القدم من الكنسية الى الاحتراف
كانت بريطانيا في منتصف القرن التاسع عشر قوة عُظمى في العالم، وكانت مصانعها هي الأكثر إنتاجية، ولم تكن هناك أي استثناءات عُمرية للعمل بها بما في ذلك الأطفال، ولذلك لم يتمتع العمال البريطانيون بأي رفاهية أو ساعات فراغ، ولكن مع ظهور النقابات العمالية، تحسنت الأوضاع قليلًا، وصاحبها ارتفاع في الأجور وانخفاض في عدد ساعات العمل، وكذلك سُنت قوانين تحد من عمالة الأطفال وتلزمهم بعدد معين من ساعات الدراسة، ومع تخفيف الأعباء عن العمال البريطانيين أصبحوا بحاجة إلى وسيلة لتمضية أوقات الفراغ، كما ركزت القوانين الاهتمام على التعليم الإلزامي والمدارس مع إدراج الرياضة بتلك المؤسسات، وكانت إلزامية على جميع الطلاب في بعض المدارس باعتبارها وسيلة للحفاظ على اللياقة البدنية وإنشاء “مسيحي قوي”، تضافرت كل هذه العوامل ليجد الجميع مبتغاه في الرياضة وكرة القدم بشكل خاص، أدى هذا الاهتمام المتزايد بالرياضة إلى تنظيمها بشكل رسمي وتأسيس اتحاد لكرة القدم لإدارة البطولات والمباريات الخاصة بها.
كان من الطبيعي أن يستمر هؤلاء الطلاب في ممارسة الرياضة بعد تخرجهم من مدارسهم، وقد هيأت لهم الجامعات أجواء مشابهة، وعلى مستوى أكثر تنافسية، وكانت ممارسة كرة القدم إلزامية في الجامعات المرموقة، التي سيتخرج طلابها لاحقًا لينخرطوا في مصالح إنجلترا الخارجية ويأخذوا معهم كرة القدم لعوالم أوسع.
أتاح تقليل عدد ساعات العمل وأيام العطلة مساحة ترفيهية للعمال البريطانيين، والمُتوقع أن يستغلوها في اللعبة ذات الشعبية المتزايدة يومًا بعد يوم، وتأسست الأندية التي تمثل تلك المصانع ومنها نادي “أرسنال” الشهير، حتى هنا لم تخرج اللعبة من إطار الهواية وما زالت متوافقة مع أيديولوجية حركة “المسيحية القوية” وحتى مع إنشاء اتحاد كرة القدم، كانت معظم الفرق المشاركة في كأس الاتحاد لها أصول كنسية أو تابعة للمدارس، ولكن مع تنظيم الدوري أصبح للقدرة المالية تأثير في المنافسة، ومن ثم كانت حظوظ الفرق الصناعية وكذلك الأندية الممثلة للمدن ذات الكثافة السكانية الأعلى، الفرص الأكبر في المنافسة والفوز، لينتهي عصر المسيحية القوية وتبدأ حقبة الاحتراف.
الفكرة من كتاب الإمبريالية والهوية الثقافية وكرة القدم: كيف أنشأت الإمبراطورية البريطانية الرياضة الوطنية المصرية
نشأت كرة القدم في البداية وسيلة للحفاظ على اللياقة البدنية والمساعدة على الانخراط وسط الفريق واللعب الجماعي، كانت هذه الأفكار نابعة من حركة “المسيحية القوية” التي سيطرت على الكنائس والأوساط التعليمية داخل إنجلترا في بداية القرن التاسع عشر، أصبحت كرة القدم بعدها رمزًا بريطانيًّا ووسيلة لنشر ثقافتها، يشرح الكاتب كيف تأثر السكان الأصليون بهذه الرياضة تحت الاستعمار البريطاني، وكيف اتخذت أبعادًا أخرى سياسية بعد ذلك.
مؤلف كتاب الإمبريالية والهوية الثقافية وكرة القدم: كيف أنشأت الإمبراطورية البريطانية الرياضة الوطنية المصرية
كريستوفر فيرارو: باحث بقسم التاريخ في كلية الآداب جامعة سانت جون في نيويورك، حصل على الدكتوراه في هذه الأطروحة تحت إشراف الأستاذ الدكتور مايرسيو بوريرو، المتخصص في التاريخ الاجتماعي الرياضي، وقد استعان أيضًا بالدكتور كونراد تيششير المتخصص في التاريخ الإفريقي، وبالدكتورة نيرنا ريستمجي الباحثة في شؤون الشرق الأوسط ليخرج لنا هذا الكتاب.
عن المترجم:
وليد رشاد زكي: أستاذ مساعد في علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.
له العديد من المؤلفات، منها:
المواطنة والتمكين في العصر الرقمي.
رأس المال الاجتماعي عبر المجتمع الافتراضي: مقومات البناء ومعوقات الإهدار.