بربروس يعود إلى الجزائر.. وفتح قلعة “بنيون”
بربروس يعود إلى الجزائر.. وفتح قلعة “بنيون”
الرحيل كالعودة، فبعد أن مضت ثلاثة أعوام عانت فيها الجزائر اختلال الأمن وظلم ابن القاضي، حدث أن أرسل أهالي الجزائر وفودًا إلى بربروس تطلب العودة، وها هو بربروس يُعد العدة بجيشٍ قوامه أربعة وعشرين ألف بحار وفارس وجندي، ودخل خير الدين الجزائر مرة أخرى بعد أن قُتل ابن القاضي وفتح الأهالي أبواب المدينة لبربروس مبتهجين، وفي ذلك الوقت حدث أن جاء تمرد آخر من ناحية سلطان تلمسان مرة أخرى، ليتم إعدامه وتعيين ابنه محمد سلطانًا جديدًا.
كانت هناك قلعة واقعة في عرض البحر تُدعى “البنيون Penon” وقد شيَّدها الإسبان على مقربة من مرسى الجزائر وملؤوها بالجنود والمدافع بقيادة نبيل عجوز يُدعى “دون مارتين دي فيرغاس”، وقد كانت مصدر قلق بسبب تجرؤها على ضرب المرسى بالقذائف، وكان الإسبان الموجودون بها يقصفون المآذن عند سماعهم الأذان، ليأمر بربروس بقصف القلعة بمدافعه الثقيلة في معركة استمرت عشرين يومًا حتى اقتحمها بعد أن استسلم دون مارتين ورجاله، واستدعي بربروس قائد المدفعية الإسباني قائلًا له: “أنت رامٍ ماهر، لقد كنت تدمر المنارة بقذيفة واحدة.. انظر الآن كيف يكون الرمي الحقيقي!”، وأمر بوضعه في فوهة مدفع ضخم ثم قذفِه، وجمع ثلاثين ألف أسير إسباني استخدمهم في بناء كاسر أمواج لتحصين ميناء الجزائر.
وصل خبر استيلاء بربروس على القلعة إلى الملك الإسباني كارلوس الذي استشاط غضبًا لدرجة أنه ضرب عنق الرسول الذي حمل إليه ذلك الخبر، وبخاصةٍ بعدما قتل “آيدين رئيس”، وهو أحد رجال بربروس، القائد الإسباني “بورتوندو” في معركة شرسة تم فيها الاستيلاء على سبع سفن إسبانية عملاقة ومئات الأسرى الإسبانيين، بعدما كان آيدين قادمًا من مهمة نقل لاجئين أندلسيين إلى الجزائر.
الفكرة من كتاب مذكرات خير الدين بربروس
في الوقت الذي علا فيه نجم دولة الإسبان التي أصبحت الأقوى في العالم باحتلال نصف أوروبا -ومنها الأندلس- واكتشاف العالم الجديد، جاء قائد بحري تركي ألبسها رداء الهزيمة وأذاق ملكها “كارلوس الخامس” مرَّ الهزيمة معلنًا سيطرة العثمانيين على البحر المتوسط.
أقام دولةً في الجزائر فأصبح ملكًا لها رغم تبعيَّته لآل عثمان، وعيَّنه السلطان قائدًا عامًّا للقوات البحرية العثمانية، فجاب البحر المتوسط طولًا وعرضًا، وأزعج وأغار على موانئ العدو وأساطيله، هو ضمن أشهر قادة عثمانيين اهتموا بإغاثة الأندلسيين؛ هو خير الدين بربروس.
مؤلف كتاب مذكرات خير الدين بربروس
خير الدين بربروس، هو قائد القوات البحرية العثمانية وحاكم الجزائر وواليها العثماني، اسمه الحقيقي خضر بن يعقوب، أسَّس هو وأخوه عرُّوج دولة بالجزائر ثم انضما بها تحت كنف الدولة العثمانية، وعملا على بدء رحلات الجهاد البحري وإنقاذ عشرات الآلاف من الأندلسيين الذين استغاثوا بهما من الإسبان، وتُعدُّ معركة بروزة الشهيرة أكبر انتصاراته على الإطلاق.
معلومات عن المترجم:
محمد دراج، هو أستاذ جامعي في علم التاريخ الحديث بجامعة الجزائر، حصل على الدكتوراه من جامعة مرمرة بإسطنبول، وله عدة مؤلفات بجانب أعماله في الترجمة أبرزها كتاب الدخول العثماني إلى الجزائر.