برامج التكيُّف الهيكلي وإفقار الشعوب
برامج التكيُّف الهيكلي وإفقار الشعوب
لقد تعمد الصندوق إلى استثمار مشكلات الدول المتعثرة لصالحه، بدلًا من محاولة حل مشكلاتها، لتحقيق نوع من فرض السيطرة وبسط النفوذ على تلك الدول، مما كان له الأثر في إذكاء القلاقل والاضطرابات الاجتماعية.
فعندما عجز مسئولو دولة تشيلي عن كبح جماح التضخم الذي عصف باقتصاد بلادهم، هرعوا إلى صندوق النقد الدولي لمساعدتهم، ومن ناحيته استغل صندوق النقد الفرصة لكي يختبر أدواته في السيطرة على الشعوب، فجهز برنامجًا صادمًا قُدم بمثابة روشتة إنقاذ اقتصادي، تمثلت أهم ملامحها في خفض الإنفاق الحكومي وزيادة الوعاء الضريبي، وتفعيل برامج الخصخصة وتسريح العمالة، مما سبب في النهاية تزايد معدلات الفقر والتفاوت الاجتماعي بين طبقات الشعب.
أما المكسيك فكان اقتصادها سابقًا اقتصادًا ريعيًّا يعتمد بصورة كبيرة على إيراداته من صادرات البترول، ولذا تأثرت المكسيك بشدة من تداعيات تدهور أسعار البترول، الذي أوجد نقصًا حادًّا في إيرادات البلاد وتفاقم العجز التجاري، مما سبب اضطرابًا في أسعار الصرف؛ فتهاوت العملة الوطنية وأغلقت البورصة المكسيكية أبوابها، وفي النهاية عجزت المكسيك عن تسديد أقساط ديونها، فلجأت إلى صندوق النقد الذي لعب دور الوسيط وجهز لها قرضًا مشروطًا بتنفيذ برنامج للتكيُّف الهيكلي نص على بعض الإجراءات القاسية منها تخفيض الأجور الحقيقية وإلغاء دعم سلع غذائية أساسية، مما تسبب في النهاية في خفض المستوى المعيشي للأفراد.
الفكرة من كتاب صندوق النقد الدولي
يعدُّ صندوق النقد الدولي المؤسسة المركزية في النظام النقدي الدولي، أي نظام المدفوعات الدولية وأسعار صرف العملات الذي يسمح بإجراء المعاملات التجارية بين البلدان المختلفة، ويهدف الصندوق إلى منع وقوع الأزمات في النظام عن طريق تشجيع البلدان المختلفة على اعتماد سياسات اقتصادية سليمة.
يستعرض أرنست فولف في هذا الكتاب دور صندوق النقد الدولي في الأزمات العالمية، كما يرصد تطور سياسات الصندوق في مرحلة سبعينيات القرن الماضي وتبنيه قواعد النيوليبرالية (الليبرالية الحديثة) التي صاغتها مدرسة شيكاغو الاقتصادية، إذ مكنت هذه القواعد إدارة الصندوق من التدخل المباشر في سياسات الدول لبسط نفوذه، فالصندوق لا يساعد الدول على تجاوز أزماتها بقدر ما يستثمرها لتحقيق مصالحه الخاصة.
مؤلف كتاب صندوق النقد الدولي
أرنست فولف: كاتب ألماني، وُلد عام 1950. درس في الجامعات الأمريكية، وعمل أستاذًا للفلسفة في جامعة بريتوريا (جنوب أفريقيا)، كما عمل صحفيًّا ومترجمًا.
اهتم بخصائص العلاقات المتبادلة بين الاقتصاد والسياسة، وركز منظوره على الأزمة المالية العائدة إلى عام 2008 وأزمة اليورو، كما اهتم بدور صندوق النقد الدولي في إدارة الأزمات.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
صندوق النقد الدولي.
المسئولية السياسية لعالم معولم: بعد إنسانية ليفيناس.
التسونامي المالي: كيف يهددنا النظام المالي العالمي.