بداية مسلسل الانهيار
بداية مسلسل الانهيار
كلف حفل افتتاح قناة السويس عام 1969م الميزانية ملايين مهدرة بهدف إبهار الحضور الأوروبي، فتراكمت الديون حتى عجزت الدولة عن سدادها بصفة منتظمة، مما أدى إلى فرض الضرائب وتقليص حجم الصرف فتدهورت الزراعة والتجارة والصناعة.
لجأ الخديوي إلى بيع أسهم مصر في قناة السويس لبريطانيا، وهنا اختلطت المصالح المالية بالسياسية، وأرسلت بعثة كييف المكونة من خبراء أجانب لتقييم حالة مصر وقدرتها على سداد ديونها، وكان ذلك إيذانا ببدء التدخل الأجنبي المباشر، وجمعت الديون كلها، وأنشئ صندوق الدين العمومي تحت إشراف الثلاثي إيطاليا والنمسا وفرنسا، ووحدت الفائدة.
ثم أعلنت بريطانيا وفرنسا نظام المراقبة الثنائية على مصر، وأرسلت بعثة جوش مكونة من مندوب لكل دولة، وأصبحت أشبه بحكومة داخل الحكومة، وعينت مشرفين أجانب على رأي كل إدارة لضمان تسلم الإيرادات.
لم تتحسن الأحوال برغم ذلك، لأن الدائنين لم تكن تهمهم مصلحة البلاد، وأنشئت لجنة جديدة تحت إشراف ديليسبس في عام 1878م، قررت الاستيلاء على أملاك الخديوي الخاصة وأراضيه، الذي وقف في صف المعارضة الوطنية المتمثلة في مجلس النواب الذي أنشأه في بداية عهده، فأقال الحكومة وأقروا خطة مالية جديدة، ولكن بريطانيا وفرنسا ضغطتا على الباب العالي لإصدار فرمان بعزله وتعيين توفيق عام1878م.
كانت هناك محاولة إصلاح طالت بعض المجالات، فحولت باقي الدواوين إلى وزارات لتكتمل الحكومة، وأنشئت المحاكم المختلطة في عهد وزارة شريف، وكانت هناك محاولة لتوحيد التشريع لكن تمت عرقلتها، وتمت استعادة ملكية بعض الأراضي بجوار قناة السويس وتقليل العمالة هناك، وتم إنشاء 12 قناة ومد عدة سكك حديد، وتحسنت وسائل المواصلات وإدارة البريد.
الفكرة من كتاب تاريخ مصر الحديث: من محمد علي إلى اليوم
التاريخ ليس مجرد نقل للأحداث، بل هو فن الوصول إلى الحقيقة، عن طريق وسائل يتبعها مؤرخ ذو عبقرية فذة وبصيرة ثاقبة، يتتبع الخطوط حتى يصل إلى رسم المشهد الكامل، مبرزًا الأحداث المؤثرة ومحللًا لأسبابها ومعددًا لنتائجها دون الغرق في تفاصيل كثيرة هامشية لا صلة لها بالحدث، ولأن مصر من الدول القليلة التي تتابعت عليها الأحداث الجلل بصورة مكثفة في فترات زمنية قصيرة، احتل تاريخها القديم والحديث أولوية اهتمام المؤرخين.
مؤلف كتاب تاريخ مصر الحديث: من محمد علي إلى اليوم
محمد صبري: ولد الدكتور بالقليوبية في عام 1894م، وتنقل بسبب عمل والده مفتشًا بين القرى الزراعية، ونشأ محبًّا للأدب والشعر، لدرجة تأخر حصوله على شهادة الثانوية بسبب اهتمامه بالقراءة وكتابة الشعر، احتك فيها بأدباء وشعراء عصره كالمنفلوطي وحافظ إبراهيم، سافر لدراسة التاريخ الحديث في جامعة السوربون، وحصل فيها على الدكتوراه عام 1924م.
عينه سعد زغلول سكرتيرًا ومترجمًا للوفد المصري بمؤتمر السلام لبراعته باللغات الأجنبية، كان همه الأول الكتابة عن تاريخ مصر الحديث لإبراز هويتها القومية، فهدف لكتابة أربعة مجلدات عن التاريخ الحديث لمصر، نجح في إخراج جزأين فقط، ثم انشغل بعدة أدوار معرفية وأدبية أخرى، ولكن لم يوقفه ذلك عن اهتمامه بالأدب، فأصدر سلسلة أدبية “الشوامخ ” عن شعراء ما قبل الإسلام.
توفي في عام 1978م بعدما عانى من عدة مشكلات أسرية ومالية، وسط تجاهل كبير لما قدمه في خدمة بلاده.