بداية الرحلة
بداية الرحلة
الساعة الآن السابعة صباحًا، يصل “عبد المحسن” وزوجته “أمل” وابنتهما الصغيرة “مناير” إلى نيويورك أخيرًا، بعد رحلة طويلة من الرياض استمرت أكثر من ثلاث عشرة ساعة على متن الطائرة. نيوريورك مدينة العمل والتجارة بدت لـ”أمل” كآلة طاحنة لا تعرف العواطف والمشاعر، يجري الناس دون أن يتوقفوا ليفكروا من أين أتوا وإلى أين مصيرهم، ولحسن الحظ لم تكن على الأسرة أن تقيم فيها طويلًا، وخلال أيام كانت قد انتقلت إلى ولاية كلورادو، حيث سيدرس “عبد المحسن”، وسرعان ما دلَّه أحد الزملاء العرب الذي يدعى “هشام” على منزل مريح استأجر أحد طوابقه سابقًا.
وحين وصلت الأسرة الصغيرة إلى البيت، أخذت “أمل” تنظف وترتب المكان، وطلب “عبد المحسن” من السيدة بودي -وهي مالكة المنزل التي تسكن في الطابق العلوي- أن تأخذ التحف والتماثيل التي يعج بها المكان والتي كانت الصغيرة “مناير” قد بدأت تكسر بعضها بالفعل، وطلب منها أيضًا أن تبعد الكلب المخيف عن الباب الأمامي، واستقرَّتِ الأسرة أخيرًا بعد التنقل بين الفنادق.
في تلك الأثناء، كانت هناك استعدادات لرحلة مشابهة في بيت أحد الأقارب، وليد ابن خالة “عبد المحسن” الذي حصل على موافقة لاستكمال دراسته في الولايات المتحدة هو الآخر، ووصلت تذاكر سفره، إلا أن أجواء البيت لم تشاركه سعادته؛ فقد كانت أمه قلقة وقلبها يرفض مغادرته، ولم يكن “وليد” ينوي أن ينتفع بالدراسة حقًّا، وإنما كان متلهِفًا لنمط الحياة الغربي ليغترف من ملذات الدنيا ما شاء.
أبلغ الأهلُ “عبد المحسن” بخبر “وليد” وأعطوه عنوانه، ولم يكن بين القريبَين علاقة قوية؛ فلم يحب وليد ابن خالته الذي تقارنه أمه به في كل حين وتود لو يقتدي به، وكان “عبد المحسن” يشفق على “وليد” ويخاف عليه من الضياع في الغربة، ويسعى إلى إنقاذه من براثن الشبهات والشهوات، فهل سيؤتي سعيه ثماره؟
الفكرة من كتاب دفء الليالي الشاتية
في الغربة، يواجه الناس تحديات مختلفة تُختبر فيها قيمهم ومبادئهم، وفي هذه الرواية التي كُتبت عام 2002 يوجِّه الكاتب بعض الرسائل إلى الشباب الذين يواجهون تحديات الغربة من خلال مواقف ويوميات الشاب السعودي “عبد المحسن” الذي سافر مع أسرته الصغيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية مبتعثًا للدراسات العليا.
مؤلف كتاب دفء الليالي الشاتية
عبد الله بن صالح العريني: أستاذ جامعي وكاتب وباحث سعودي، ولد في الرياض عام 1954، يعمل أستاذ دراسات عليا في قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام، وهو عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية، وعضو في رابطة الأدب الإسلامي العالمية أيضًا.
له العديد من الأعمال الروائية والقصصية منها: “مهما غلا الثمن” و”أشياؤهم الصغيرة” و”النار الباردة.. قصة إبراهيم (عليه السلام)” و”حدائق الصبر.. قصة أيوب (عليه السلام)” و”السفينة والطوفان.. قصة سيدنا نوح (عليه السلام)” و”صلاة في بطن الحوت.. قصة يونس (عليه السلام)”، وأعمال أخرى مثل: “الاتجاه الإسلامي في أعمال نجيب الكيلاني القصصية” و”شعر جهاد الروم في موازين النقد الأدبي” و”أدر حياتك.. قبل أن تديرك الحياة”.