بداية الخواطر وتاريخ أول الآلام
بداية الخواطر وتاريخ أول الآلام
يأتي الخامس والعشرون من ديسمبر عام 1931 ويشرع موسوليني مساء هذا اليوم في كتابة خواطره وإهدائها لذكرى أخيه أرنلدو، وقد بدأ يفحص الأوراق التي تركها في قصر البندقية فوجد خطاباته السياسية، لكنه لاحظ وجود مسودات كتاب لمح فيه تاريخ 25 سبتمبر 1896 وهو تاريخ أول آلامه هو وأرنلدو حين تُوفِّيت جدتهما التي تُدعى “مرنياجتي” التي عُرفت بنشاطها وتديُّنها، وحبها لهما رغم شقاوة بنيتو، وتذكر ذهابهما مع أمهما لها ومرورهم بالحقول واجتماعهم حول الأم التي كانت تغني لهم أغاني قديمة تقول: “هيا أيها الإيطاليون إلى الميدان.. إلى الميدان.. فقد دعانا الوطن”، كما تذكر موسوليني اللحظات الأخيرة من حياة الجدة، والجنازة البسيطة التي شُيِّعت بها لأن العادة وقتها أن يدفع أهل الميت للنسوة اللاتي يشتركن في الجنازة مبلغًا من المال (قطعة من فئة السولدي أو الليرة).
كان أرنلدو حينها في عامه الحادي عشر وهو أصغر من بنيتو بعامين، ويتذكر موسوليني حين وُلد أخوه ولم تستطع أمه إرضاعه بسبب ضعفها فعهدت به إلى حضانة سيدة فلاحة على بُعد نحو كيلومتر من بيتهم، وتربى أرنلدو معها حتى كبر ودخل المدرسة، وعلى ذلك فقد كان موسوليني وأمه يذهبان إليه من حينٍ إلى آخر وخصوصًا في آخر أحد من أغسطس كل عام، ليشهد هذا اليوم مغامرات الأخوين في الانتقال بين الحقول والتلال ومنازل الأقرباء، ثم الذهاب إلى السوق لمشاهدة المهرجانات وتخوت “رومانيا”، ثم يعود الأخوان ليناما معًا في غرفةٍ واحدة وسرير حديدي واحد، ومن شدة فقر الأسرة فقد كان “جوال” هذا السرير محشوًا بورق الذرة، كما كان المنزل يتألف من ثلاث غرف إحداها حولتها الأم إلى مدرسة لتمارس عملها كمعلمة مع تلاميذها، أما الأب فكان يعمل في الحدادة.
الفكرة من كتاب خواطر زعيم
في عام 1931 كانت الأمور مستقرَّة لمؤسس الحركة الفاشية الإيطالية وأحد زعمائها، ألدوتشي بنيتو موسوليني، والذي أصبح الحاكم الوحيد لإيطاليا رغم وجود الملك، كل الأحزاب الأخرى أُلغيت ولم يكن بإيطاليا سوى توجُّه واحد وطاعة واحدة تكون للحزب الفاشستي كالنازية الألمانية، وهنا يأتي دور الإعلام خصوصًا مع تاريخ هذا الديكتاتور الصحافي، وهنا يبدأ بكتابة خواطره.
كان على المؤلف إميل لودفيج أن يعرض بعض خواطر موسوليني، الحوار الصحفي الذي دار بينهما، ويجدر بنا ذكر أن كل هذا قد تم في عام 1931م حين كانت الفاشية في قمتها وتساندها النازية الألمانية، وهنا يأتي دور الإعلام الذي ميز كلا المذهبين في ذلك الوقت قبل أن ينقلب عليهما.
مؤلف كتاب خواطر زعيم
بنيتو موسوليني، هو حاكم إيطاليا ورئيس وزرائها في الفترة ما بين 1922 و1943، وهو أبرز مؤسسي الحركة الفاشية الإيطالية، عُرِف بتاريخه الصحافي المؤثر وكذلك همجيته منذ طفولته وحتى الكبر، إذ استطاع الوصول إلى الحكم بسبب عدم استطاعة الحكومة الإيطالية السيطرة على أعمال حركته الفاشية “القمصان السود” المسلحة، وكان ديكتاتورًا مستبدًّا سواء للشعب الإيطالي أو الشعوب المستعمرة، وبعد دخول الحرب العالمية الثانية وهزيمة إيطاليا المتحالفة مع ألمانيا النازية، تم إلقاء القبض عليه وإعدامه وتعليق جثته أمام الجماهير الإيطالية.