بداية الحركة الصهيونية
بداية الحركة الصهيونية
بدأت الحركة الصهيونية بديباجة مسيحية، حيث شهدت هذه المرحلة هيمنة الجيب التجاري الذي كان مقتصرًا في المدن في أوروبا على الاقتصاد الزراعي عام 1500م تقريبًا وأعاد صياغة الإنتاج وتوجيهه بحيث خرج عن نطاق الاكتفاء الذاتي وسد الحاجة، وبدأ التجار يلعبون دورًا مهمًّا في توجيه سياسات الحكومات، وهو ما يعرف بـ”الانقلاب التجاري”، وقد شجَّع هذا الانقلاب حركة الاكتشافات الجغرافية، وهي حركة استعمارية اتخذت شكل استيطان في مراكز تجارية على الساحل.
ثم بنهاية القرن السادس عشر، ظهرت الصيغة اليهودية الأساسية على شكل أحلام استرجاعية في الأوساط البروتستانتية الاستعمارية، وبخاصةٍ إنجلترا، وكانت هذه الفكرة تبغي التحقُّق خارج أوروبا من خلال الجماعات اليهودية الوظيفية، باعتبار اليهود مادة بشرية يمكن بلورتها، فلم يتصوَّر أن يكون لليهود دولة وظيفية مستقلة، فكان الهدف من نقلهم خارج أوروبا هو الخلاص المسيحي.
فيما بعد عندما تصاعد المشروع الاستعماري البريطاني انزوت الديباجة الدينية وبدأت الديباجة الصهيونية بالتحوُّل إلى الديباجة العلمانية الرومانسية والعضوية والنفعية والعقلانية، وبدأ طرح فكرة تقسيم الدولة العثمانية، واكتسبت الصيغة الصهيونية الأساسية في هذا الوقت مضمونًا تاريخيًّا وبعدًا سياسيًّا، وأصبح بالإمكان دمج المسألة اليهودية مع المسألة الشرقية وطرح إمكانية توظيف الشعب المنبوذ وحل المسألة اليهودية عن طريق نقل اليهود إلى فلسطين، وإيجاد قاعدة للاستعمار الغربي، ومع ذلك فقد بقيت النظرة إلى اليهود كمادة استعمالية لا قيمة لها بذاتها تكتسب قيمتها من نفعها.
مع ذلك بنهاية القرن التاسع عشر ونتيجة لتعثُّر التحديث في شرق أوروبا، ظهرت الصهيونية التوطينية بين أعضاء الجماعات اليهودية وبخاصَّةٍ الأثرياء منهم، وكان هذا أول اتجاه صهيوني بين اليهود لكنه حافظ على رؤية اليهود من الخارج، ولم تتغيَّر هذه الرؤية اليهودية، حتى ظهور هرتزل الذي اكتشف حتمية التحرُّك داخل إطار الإمبريالية الغربية لنقل اليهود خارج أوروبا، وأن تزوِّدهم بالدعم والحماية، واكتشف أيضًا القومية العضوية التي تستطيع أوروبا العلمانية أن تدرك اليهود من خلالها، وكان هرتزل أيضًا هو من وضع التصوُّر الأساسي للإطار التنظيمي للفكرة الصهيونية في كتابه “دولة اليهود”، ومن دعا للمؤتمر الصهيوني الأول عام 1897م وتأسيس المنظمة الصهيونية.
الفكرة من كتاب بروتوكولات حكماء صهيون: النص الكامل للمخطوطات الصهيونية للسيطرة على دول العالم
في عام 1897م، عقد الاجتماع الأول بين زعماء الصهيونيين لدراسة الخطط التي تؤدي إلى تأسيس مملكة صهيون العالمية، بقيادة زعيمهم هرتزل وبحضور ثلاثمائة من أعتى حكماء صهيون ممثلين عن خمسين جمعية يهودية، ومنذ ذلك الوقت عقد ثلاثة وعشرون اجتماعًا بين زعماء الصهيونيين، لتقرير الخطة السرية لاستعباد العالم كله تحت تاج ملك من نسل داوود، فكان آخرها المؤتمر الذي عقد في الرابع عشر من أغسطس 1951م، لبحث مسألة الهجرة إلى إسرائيل ومسألة حدودها، وهذه الخطط هي سبب وضع هذا الكتاب.
في هذا الإطار يروي الكتاب تاريخ إنشاء الحركة الصهيونية ومراحل تكوُّنها، كما يشتمل على شرح الخطط المتفق عليها، والتي تتلخَّص في تدبير الوسائل للقبض على زمام السياسة العالمية من وراء القبض على زمام الصيرفة، وفي هذا كذلك تفسير للمساعي التي انتهت بقبض الصيارفة الصهيونيين على زمام الدولار في القارة الأمريكية ومن ورائها جميع الأقطار.
وعلى الرغم من أن الكثير من الجدل قد أثير حول الكتاب، حيث شكَّك البعض في صحة مصادره وشبَّهوا نصوصه بنصوص بعض الكتب التي سبقت ظهوره بنحو أربعين سنة، بينما رأى المرجِّحون بصحة الوثائق أنها لم تأتِ بجديد غير ما ورد في كتب اليهود المعروفة، مثل التلمود، وكتب سنن اليهود، فمما لا شك فيه كما يقول تشيسترفيلد: “إن السيطرة الخفية قائمة بتلك البروتوكولات أو بغير تلك البروتوكولات”.
مؤلف كتاب بروتوكولات حكماء صهيون: النص الكامل للمخطوطات الصهيونية للسيطرة على دول العالم
أوسكار ليفي: هو طبيب وكاتب يهودي ألماني، ولد في ستارجارد عام 1867م، وقد درس ليفي الطب في فرايبورغ، ثم ترك ألمانيا عام 1894م إلى المملكة المتحدة وأيرلندا، ولكنه عاد إليها مرة أخرى في 1915م.
وفي عام 1920م، عاد أوسكار ليفي إلى المملكة المتحدة مرة أخرى لكن تم ترحيله منها في العام التالي إثر تقديمه لمنشور معارض من كتابة جورج بيت، عندها انتقل ليفي إلى فرنسا.
عرف عن أوسكار كونه تلميذًا لفريدريك نيتشه، حيث تعرَّف على فكره للمرة الأولى عن طريق أحد مرضاه عام 1905م، وقد ترجم عددًا من أعماله إلى الإنجليزية، وكان من معاونيه فرنسيس بيركلي، وويليام هوسمان، وهيلين زيمرمان، وغيرهم، ولكن أهم أتباعه كان أنثوني لودوفيتش.
تُوفِّي ليفي عام 1946م بعد عودته إلى المملكة المتحدة حيث عاشت ابنته في أكسفورد مع زوجها ألبي روزنتال، وحفيده هو مقدِّم التلفزيون الرياضي جيم روزنتال.
معلومات عن المترجم:
محمد خليفة التونسي: من مواليد قرية تونس بمحافظة سوهاج في مصر عام 1915، تخرج في كلية دار العلوم وأنهى دراسته العليا بها عام 1955.
كتب التونسي الشعر منذ كان في المرحلة الثانوية، ونشر له عدد من الدواوين الشعرية مثل ديوان “العواصف”، وديوان “الأنوار المحمدية”، كذلك فهو من قدَّم أول ترجمة عربية لكتاب “بروتوكولات حكماء صهيون” وقدمه أستاذه الأديب المعروف “عباس محمود العقاد”.
كانت مهنة محمد التونسي الأساسية هي التدريس، ولكنه عمل في نهاية حياته بمجلة “العربي” في الكويت تحت رعاية الشيخ جابر الصباح حتى توفي عام 1988.