بداية التغيير
بداية التغيير
سأبدأ حينما تتهيَّأ الفرصة، في بداية العام الجديد، من الأفضل أن أنتظر حتى تتحسَّن الظروف..
نريد أن نتغيَّر لكنَّنا دائمًا ما نربط الأمر بموعد مع قدر غير محدَّد نظنُّ أنه سيكون الوقت الأمثل للتغيير، والحقيقة أن هذا الربط ليس سوى وهم يطيل عمر الهزيمة، وقد يؤدِّي إلى انحدار أشد يصبح التغيير بعده أكثر صعوبة، فالتغيير لا يبدأ إلا من داخلنا، والإنسان إن ملك نفسه ووقته استطاع أن يفعل الكثير ويواجه ما حوله دون الحاجة إلى قوة خارجية، ونحن بحاجة إلى أن نعيد ترتيب أنفسنا كل فترة فنتعرَّف على عيوبنا ونرسم الخطط الواضحة للتخلُّص منها، كما نفعل عندما نرتِّب مكاتبنا فنتخلَّص مما يجب التخلُّص منه ونعيد ترتيب أوراقنا المهمة.
والإنسان كيان عقلي وعاطفي هشٌّ وضعيف لا يستطيع التماسك وحده وسط الاحتكاك بشتى أنواع الشهوات والمغريات، فهو بحاجة إلى البحث في دواخله وتعهُّدها لكيلا تنفرط مشاعره، ووظيفة الدين بين الناس هي ضبط مشاعرهم وسلوكهم على أساس الحق ليعيشوا حياة صحيحة بعيدة عن الجور والجهل، وجملة تعاليم الإسلام ما هي إلا رحمة وخير للمجتمع، ولكن لما أبى الإنسان أن يستجير بالله ويسير وفق نهجه الإيماني السليم تخبَّط المجتمع وضلَّ.
وبين ما نعايشه من ضلال وظلم ينادي الإيمان في الناس أن عودوا إلى ربكم وفرُّوا إليه، فالله يفرح بتوبتكم، والتوبة الصادقة تنقل صاحبها من حياة إلى حياة، وتكون فاصلًا قائمًا بين عهدين مختلفين، ينتصر فيها الإنسان على أسباب الضعف والمعصية، ويتغلَّب فيها على قيود الهوى ليستقرَّ في مرحلة أخرى من الإيمان والنضج والاهتداء.
الفكرة من كتاب جدد حياتك
يعدُّ هذا الكتاب عرضًا للمبادئ الراقية المتوافقة مع الفطرة، والتي وردت في كتاب “دع القلق وابدأ الحياة” لديل كارنيجي وردها إلى أصولها في الشريعة الإسلامية، فالإسلام هو دين الفطرة، وتعاليمه المعنية بكل شؤون الحياة هي توثيق لكل الأفكار الصحيحة والطبائع السليمة التي تنشد العيش في كمال وسلام، فمنطق الطبيعة الإنسانية الصحيحة في الوصول إلى طريق الخير يوافق الآيات السماوية في هداية الناس إلى الطريق المستقيم.
غير أن هذه الفطرة لا بدَّ أن تكون نقية وغير معتلَّة، فالفطرة السليمة هي التي تبيِّن لنا الحق والخير، ونحن وإن عجزنا عن كفِّ ذوي الفطر العليلة المشوَّهة عن الدين، فعلينا أن نفسح الطريق لأسوياء النفوس وذوي البصائر فينفعوا الناس بما شرع الله فيحسنون فَهم تعاليمه وعرضها.
مؤلف كتاب جدد حياتك
محمد الغزالي عالم ومفكر إسلامي مصري، ولد عام 1917 وتوفي عام 1996، تخرَّج في كلية أصول الدين، وتخصَّص في الدعوة والإرشاد، عمل بالتدريس في جامعة أم القرى بمكة المكرمة وفي كلية الشريعة في قطر، وعُيِّن وكيًلا لوزارة الأوقاف في مصر، تميَّز بأسلوبه الأدبي في الكتابة فأُطلق عليه لقب «أديب الدعوة»، وعُرِف عن الشيخ إلى جانب عاطفته الحاضرة قوَّته في الحق، فكان مدافعًا عن الإسلام، ومتصديًا للاستعمار، وانتقد الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي.
ترك ميراثًا كبيرًا من الكتب، منها: «خلق المسلم» و«عقيدة المسلم» و«ليس من الإسلام»، و«حقيقة القومية العربية وأسطورة البعث العربي» و«الفساد السياسي» و«فقه السيرة».