بداية البداية
بداية البداية
كان هدف منهج مونتيسوري وضع أشكال تعليمية جديدة، التي بدورها قادت إلى اكتشاف خصائص نفسية واضحة عند الأطفال، وبالطبع كان هناك المزيد لم يتم اكتشافه، ومن أجل اكتشافه والدفاع عن الأطفال واستيعابهم والاعتراف باحتياجاتهم الضرورية، كان لا بدَّ من حركة اجتماعية لتخدم هذا الفكر، فتأسَّست المدراس التابعة للنظام المونتيسوري، وألقت الضوء على مستويات الأطفال العقلية المذهلة وميولهم الجديدة التي لم يقدر أيٌّ من الاختصاصيين النفسيين والمعلمين على الوصول إليها، فمثلًا لم يكن الأطفال يهتمون قطُّ بالأشياء كاهتمامهم باللعب، وأظهروا رغبتهم في التحرُّر من سيطرة البالغين، وفعل كل شيء بأنفسهم، إلا الأشياء الصعبة جدًّا، فحلَّت السكينة على الأطفال بعد فترات طويلة كان يتم فيها كبت تلقائيتهم من قبل البالغين، وإجبارهم على العيش في بيئة الكبار فقط؛ بيئة لا تتوافق مع احتياجاتهم المادية، والأهم هنا احتياجاتهم النفسية، مُدَّعين بذلك تهيئة الطفل اجتماعيًّا، من خلال الطاعة العمياء التي تؤدي إلى إنكار شخصية الطفل وإيذائه، وهذا الأسلوب يتأصَّل بصورة كبيرة في الأسرة وفي المدرسة، من خلال منهج الحصص الدراسية الصارمة والنظام القياسي، فيحتاج هنا الطفل إلى من يستمع له، وإذا لم تُلبَّ هذه الرغبة، ينعزل الطفل بصورة أخطر من الخضوع ذاته، ويكون في أمسِّ الحاجة إلى بيئة تربوية مختلفة يصنعها بنفسه، وتشكِّلها شخصيته.
لكن يبقى السؤال الأهم، وهو: من الطفل؟ هو نسل البالغ الذي يسيطر عليه كأنه قطعة أرض، يعيش في بيت مريح للكبار، حيث تطهو الأم، ويعمل الأب، ويرعى الوالدان الأبناء حسب قدراتهم، وتساعد المدرسة الأسرة على مهمة خضوع الطفل، فينظر إلى الطفل كمخلوق ضعيف يعاونه البالغون! وللأسف الجميع يحمل أخطاء طفولته المبكرة بداخله، وتظلُّ موجودة طوال العمر، فتتجلَّى هنا أهمية مرحلة الولادة وحياة الجنين وسن الطفولة، وتكمن أزمة الطفل حديث الولادة في انفصاله عن أمه التي كانت تقوم بكل الوظائف الحيوية بدلًا منه، فيخرج من رحمها، ليعيش في الفراغ، دون أي تأهيل للبيئة الجديدة، ويمكن مساعدة الطفل من خلال توجيه الاهتمام الكامل إلى أمه، وفحصه للتأكُّد من سلامته، وفرحة الوالدين بقدومه، والرضا به.
الفكرة من كتاب الطفل في الأسرة
على الرغم من أن الدكتورة ماريا مونتيسوري عاشت في القرن الماضي، فإن خبرتها واكتشافاتها مع الأطفال ما زالت حية! وقد يعتقد البعض أن مبادئها موضة قديمة، إلا أن ذلك مُخالفٌ للواقع، إذ إن طبيعة الطفل وطريقة تطوُّره الفطرية لا تتغيَّر مهما مضى الزمن.
وفي هذا الكتاب تهتم المؤلفة بعالم الطفل الداخلي، وكيفية بناء شخصيته وكيانه بشكل سليم، وتجنُّب الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الآباء والتي تنتج طفلًا معتلًّا في عواطفه ونفسه وأفكاره، مع تحليلات لشخصية الطفل، وما يعترض نمو فكره الطبيعي من تدخُّلات البالغين.
مؤلف كتاب الطفل في الأسرة
ماريا مونتيسوري Maria Montessori: مربية وفيلسوفة وطبيبة وعالمة إيطالية، مؤسسة منهج مونتيسوري التعليمي الذي يعتمد على طرائق تعليمية وتربوية غير تقليدية للأطفال، عملت مونتيسوري مع الأطفال في المصحات العقلية في أول عهدها بالطب، وأصبحت مساعدة لمدير مدرسة أورثوفرينك للأطفال ناقصي النمو عام 1899م، وافتتحت مدرستها الأولى عام 1907ميلاديًّا.
لديها العديد من المؤلفات منها:
سر الطفولة.
اكتشاف الطفل.
المرشد في تعليم الصغار.
التعليم من أجل السلام.
مونتيسوري في البيت العربي.