بداية الأحداث المأساوية
بداية الأحداث المأساوية
في بداية يوم الإثنين الموافق ١٩ ديسمبر عام ١٦٦٧ كان دوني في مكتبته يطالع آخر ما لاحظه عن حركة الكواكب، عندما أخبره خادمه أن السيد هنري دو مونتمور يستدعيه، فخرج دوني من منزله واستقل العربة التي جاء بها مبعوث مونتمور، ليجد فيها الجراح وأخصائي التشريح الماهر بول إميري، والذي كان يجهل سبب دعوتهما أيضًا، ووصلا إلى ساحة مفتوحة ودخلا إلى مكتبة رأيا في نهايتها شخصًا مربوطًا إلى كُرسي، يُسمى أنطوان موروا، عمره أربعة وثلاثون عامًا ويعمل خادمًا، وكان يعاني من نوبات جنون منذ سبعة أعوام تقريبًا، يضطرب خلالها سلوكه فيصبح عنيفًا ويمشي عاريًا ويشعل النيران، وقد تزوَّج منذ عام تقريبًا امرأة تدعى بيرين.
رجَّح الأطباء بناءً على معرفتهم حينها أن الدم هو سبب اضطراب سلوكه، فقد يكون زائدًا في جسمه أو ملوثًا، وبالتالي فإن العلاج الأفضل هو إخراج بعضه، فأجروا له عملية فصد ١٨ مرة وحاولوا علاجه بالأعشاب والمواد الكيميائية، وفي كل مرة كان أنطوان يفك قيوده ويهرب.
في تلك الليلة أمسك عسعس الليل بأنطوان، فأخذه مونتمور إلى بيته واستدعى أصدقاءه، وكان يعرف أن دوني وإميري يقومان بتجارب نقل الدم، وبعد أن وصلا إلى مكتبته أخذهما إلى موروا وأخبرهما تاريخ حالته، وأسند إليهما البت في ملاءمة حالته لنقل الدم.
فحص دوني وإميري موروا للتأكُّد من عدم وجود مؤشرات على إصابته بمرض عضوي حتى لا تصبح العملية خطيرة، ورأيا أن موروا صحيح من الناحية البدنية، وأن روحه فقط هي المضطربة، ومن ثم فإن أفضل علاج هو معالجة جوهر روحه أي دمه.
الفكرة من كتاب الدم والعدالة قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
قبل أن نبدأ بقراءة القصة، لنتعرَّف على بطلها.. جون باتيست دوني.. طبيب فرنسي، ولد عام١٦٤٠ في أسرة من طبقة النبلاء، كان والده كبير مهندسي الملك لويس الرابع عشر، وقد حصل دوني على بكالوريوس اللاهوت، ثم درس الطب في مونبلييه،كما حصل على درجة الدكتوراه في الرياضيات، وشغل منصب أستاذ الرياضيات والفلسفة الطبيعية، وتمثِّل الرياضيات والفلك أكثر اهتماماته، أما الطب فقد كان هواية له.
انتقل دوني إلى باريس عام ١٦٦٤، وبدأ حياته الأكاديمة، وأصبح لديه مكانة بصفته أستاذًا جامعيًّا، وكان شابًّا ذكيًّا ومهتمًّا بتناول القضايا الجدلية، وحقَّقت محاضراته شهرة واسعة، وامتلأت بالحضور، وكانت الشهرة وجمع الأموال من أهدافه.
فهل تحققت تلك الأهداف؟ وما علاقتها بنقل الدم؟ لننتقل إلى القصة ونرَ..
مؤلف كتاب الدم والعدالة قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
بيت مور: أكاديمي وكاتب علمي وصحفي ومدرب، ولد في أبينجدون بأكسفوردشاير، درس علم وظائف الأعضاء والكيمياء الحيوية لحيوانات المزرعة، وحصل على درجة الدكتوراه في الفسيولوجيا، ومن الدوريات العلمية التي يكتب فيها: Nature وNew Scientist، شغل منصب رئيس رابطة الصحفيين الطبيين في إنجلترا، وعمل كذلك في كلية أوكلاند وكلية لندن، وأسَّس منظمة ThinkWrite لتدريب الأشخاص على الكتابة، كما حصل على العديد من الجوائز عن أعماله الصحفية العلمية، وظهر إعلاميًّا في مقابلات على قناة BBC وفي محطات إذاعية دولية متعدِّدة.
معلومات عن المترجم:
عبد الرحمن مجدي: مترجم؛ حاصل على ليسانس الألسن قسم اللغة الإنجليزية، وملتحق بالدراسات العليا في الترجمة الفورية والتحريرية بكلية الألسن، قام بترجمة العديد من الكتب في المجالات المختلفة، ومنها: “الإعلام والنشء: تأثير وسائل الإعلام عبر مراحل النمو”.