بدء المذاكرة
بدء المذاكرة
حان الآن وقت مرحلة ما بعد الدرس، وهذه المرحلة أساسها المذاكرة، ولا شك أن لكلٍّ منا طريقة مذاكرةٍ اعتادها وجنى منها قدرًا من الفائدة، ولكن دعنا نقدم لك طريقةً محكمة فعًّالةً وناجحة، وقوام هذه الطريقة خمسة عناصر أو خطوات، هي: التصفح، والسؤال، والقراءة، والاستظهار، والمراجعة. وسنُبين تفاصيل كلٍّ منها الآن.
أما التصفح فهدفه أن نحصل على صورة شاملة واضحة للموضوع الذي ندرسه قبل التعمق فيه، ويكون التصفح متدرجًا من الكليات إلى الجزئيات إلى تفصيلاتها مع الاستعانةِ بالفهارس، ويمر المرء فيه على الصور والمخططات بعناية، ويتصفح الطالب كتابه كله تصفحًا مُجملًا في أول العام ثم يكرر ذلك عدة مرات في أوقات متفرقة، وإذا أراد دراسة مبحثٍ أو فصل معين تصفحه بعناوينه الأساسية والثانوية.
ثم يحين وقت الأسئلة، وللأسئلة أثر واسع في تعلم الناس عامةً، وقدرتنا على تذكر المعلومات التي نتلقاها في أجوبة الأسئلة أكبر بكثيرٍ من تلك التي نتلقاها من خلال الحفظ والقراءة، ذلك لأن عملية طرح الأسئلة تثير الذهن وتدفع إلى التفكير الواضح الجاد، وقيل “من كان لديه سؤال كان لديه هدف”، والطالب حين يُقبل على الدراسة يكون ذهنه خاليًا أو مزدحمًا بالأسئلة وهو أنفع، ويبني الطالب أسئلته على خطوة التصفح والعنواين التي قرأها فيها. ويستصحب الطالب خطوة طرح الأسئلة معه إلى نهاية المذاكرة، لأنها كما يصف الكاتب “لب التعلم ومخ الدراسة”، فكلما حصَّل جوابًا دوَّنه واستنبط منه أسئلة أخرى، وهكذا، مع العلم أن طرح الأسئلة ليس يسيرًا دائمًا وإنما يحتاج إلى تدريب وتمرين.
الفكرة من كتاب فن الدراسة
يُقبل العام الدراسي بما يحمله من آمال ومشكلات، ونتذكر أن للدراسة هدفين أساسيين، هما اكتساب قدر من المعرفةِ وقدر من المهارة العملية في مجالٍ ما، وإن مضينا فيها على نهجٍ سليم حققنا الهدف بيُسرٍ واستمتعنا، وإن سلكنا فيها طرقًا وعرة ملتوية بذلنا جهدًا كبيرًا وجنينا من الثمار القليل. وهذا الكتاب إنما يهدف إلى بيان النهج السليم الذي ينبغي لنا السير به في دراستنا.
فإن كنت تشكو قلة التحصيل مع كثرة الجلوس بين الكتب، أو تشكو النسيان أو الكسل أو الملل حين يتعلق الأمر بالدراسة، فرافقِنا في رحلتنا مع هذا الكتاب.
مؤلف كتاب فن الدراسة
عبد الرحمن رأفت الباشا، كاتب وأديب سوري، ولد بإدلب عام 1920، ابتُعث إلى القاهرة وحصل على الشهادة العالية في كلية أصول الدّين في الأزهر عام 1945م، وشهادة اللّيسانس في الأدب العربي من كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا)، ثم حصل على درجة الماجستير عام 1965م، ثم الدكتوراه في الجامعة نفسها عام 1967م. عمل في تدريس اللغة العربية في سوريا، وعُين كبيرًا لمفتشي اللغة العربية هناك ثم أستاذًا محاضرًا في كلية الآداب بجامعة دمشق، ثم درس في المعاهد العلمية السعودية، وفي كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكان رئيس قسم البلاغة والنّقد ومنهج الأدب الإسلامي فيها، ومسؤولًا عن لجنة البحث والنشر في الجامعة. وقد اشتهر بحبه للغة العربية، وكان أحد مؤسسي رابطة الأدب الإسلامي العالمية. وتوفي عام 1986 في إسطنبول.
من مؤلفاته: صور من حياة الصحابة، وصور من حياة التابعين، والعدوان على العربية عدوان على الإسلام، ونحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، وفن الامتحان بين الطالب والمعلم، ورواية أرض البطولات.