بحثًا عن مصدر القرآن في مكة
بحثًا عن مصدر القرآن في مكة
يدعي أُناس أن القرآن ليس من عند الله، وإنما من عند النبي محمد ﷺ ، لكننا لا نجد لديه مصادر في بيئته لبناء الدعوة القرآنية المحكمة عند البحث، فإذا نظرنا في مكة، وجدنا العرب بعيدين عن التوحيد غارقين في الأوهام والخرافات في الجانب الديني، وفي الجانب الأخلاقي والاجتماعي نجد وأد البنات والبغاء والزنا وظلم اليتامى وغير ذلك من الفساد الذي ذُكر في القرآن، ولم يكن في الشعر ذكر للدين بشكل كبير وإنما ركزت قصائدهم على البطولة والفروسية والفخر بالأجداد. ونجد طوائف قليلة العدد تتبع نظامًا دينيًّا مختلفًا في المنطقة العربية، مثل الحنفاء الذين رفضوا معتقدات قومهم وترقبوا ظهور دين جديد، والصابئين الوثنيين، وأما اليهود والنصارى فكان منهم أعاجم من طبقة دُنيا في المجتمع، ومنهم عرب مثل الغساسنة في سوريا، ولم يكن محمد ﷺ ليجد عندهم ما يسره بعد تحريف شريعتهم وجهل كثير منهم بها أساسًا ولم تكن كتبهم المقدسة متاحة بالعربية آنذاك، وكان محمد ﷺ أميًّا لا يقرأ ولا يكتب. وإن قال قائلٌ إنه ربما أتى بالقرآن من تأملاته الشخصية في غار حراء مثلًا، فيُرد عليه بأن أحداث التاريخ ووقائعه لا يمكن أن يهتدي إليها المرء بالتفكير في خلوته، وإن كان التفكر والتأمل يُثمر في الكشف عن حقائق عظيمة، إلا أن العقل البشري محدود يمكنه أن يثبت ضلال الشرك والوثنية وخرافاتهما، ولكن لا يمكنه أن يبني دعوة أو دينًا على ذلك، ولا يمكنه أن يكتشف أسماء الله وصفاته ومصير الإنسان بعد الموت إضافة إلى النظام التشريعات الأخلاقية والاجتماعية وغيرها.
الفكرة من كتاب مدخل إلى القرآن الكريم (عرض تحليلي وتاريخي مقارن)
كُتب هذا الكتاب ليُصحح الأخطاء الشائعة عن القرآن في أوروبا، بحجج وأدلة واضحة ولغة مهذبة، فتحدث عن نزول الوحي وجمعه، وعن نشره في أنحاء الأرض، وعن الحق والخير والجمال في القرآن، كما بحث في المدعى من المصادر البشرية لتعاليم القرآن في مكة والمدينة ليُثبت بطلانها.
مؤلف كتاب مدخل إلى القرآن الكريم (عرض تحليلي وتاريخي مقارن)
محمد عبد الله دراز، باحث ومفكر إسلامي مصري كبير، ولد عام 1894 بإحدى قرى محافظة كفر الشيخ، وكان أبوه وجده من أهل العلم والتقوى، فتأثر بهما، وحفظ القرآن الكريم قبل سن العاشرة. التحق بالمعاهد الأزهرية حتى نال منها شهادة العالمية، ثم تعلم الفرنسية في المدارس الليلية واستفاد منها في المناضلة ضد الاحتلال الإنجليزي وفي الرد على افتراءات المستشرقين على الإسلام في الصحف الفرنسية.
وقد عمل الشيخ مدرسًا بمعهد الإسكندرية الأزهري، ثم محاضرًا في الكليات الأزهرية الناشئة، ثم دَرَس فلسفة الأديان بفرنسا في «جامعة السوربون» ونال منها شهادة الدكتوراه 1947 –بالدراسة التي بين أيدينا- بعد أن مكث في فرنسا اثنتي عشرة سنة لم تزده إلا اعتزازًا بهويته، كان يجود بعلمه في دراسات ورسائل علمية ومحاضرات ومؤتمرات، وتوفاه الله سنة 1958 في أثناء حضوره لمؤتمر الأديان الكبير في لاهور بباكستان.
من أشهر مؤلفاته: كتاب”النبأ العظيم – نظرات جديدة في القرآن” و “الدين – بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان”، و”دستور الأخلاق في القرآن”.