بالرجعية تتقدَّم الأمم!
بالرجعية تتقدَّم الأمم!
على عكس المتوهَّم فإن أوروبا بتقدُّمها وتطوُّرها يأبى أن يقلد بعضها بعضًا أو يتخلَّى أحدٌ منها عن قوميته وثقافته خاضعًا للآخر أو حتى يندمج فيه كما يفعل بعض مسلمي اليوم، فالألمان يريدون أن يبقوا ألمانًا وكذلك الإنجليز والروس وغيرهم، بل إن الأيرلنديين مثلًا وهم أمة صغيرة مجاورة للإنجليز رفضوا أن يندمجوا مع الإنجليز على الرغم من محاولات وجهود لمدة تزيد على سبعمائة عام بذلها الإنجليز في سبيل ذلك.
ومن أوروبا إلى آسيا، واليابان على وجه الخصوص، فهذه دولة قامت بنفسها على أنقاضها خلال ستين عامًا فقط، وأصبحت محط أنظار الشرق والغرب، كيف؟ لم تتخلَّ هي الأخرى عن دينها أو ثقافتها أو لغتها، وإنما نظرت إلى ما وصل إليه الغرب واقتبست منه كلَّ جديد بما يتواءم مع ثقافتها ولغتها ودينها وأعادت بناءه بما يخدم ذلك لديها.
هل يستطيع أحد اليوم أن يتهم اليابان بالرجعية والتخلف والتمسك بالتقاليد والدين! بل هل يستطيع أحد أن يحكم على أوروبا دولة دولة بذلك! بالطبع لا، بل ولننظر إلى عدو المسلمين المشترك “الصهاينة” كيف أحيوا من العدم لغة قديمة ميتة ليقيموا بذلك دولتهم المزعومة! فلِمَ نجد كثيرًا من المسلمين اليوم يأبى إلا أن يقلد الغرب على غير هدى ضاربًا بعقيدته ولغته وتراثه عرض الحائط بحجة الرجعية والتخلف، التي يظهر أنَّها حجة لديهم فقط!
الفكرة من كتاب لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟
إذا مرَّت على المسلمين أزمنة وأوقات أقرب ما تكون إلى الفوضى والفساد وأشد حاجةً إلى الإصلاح والنهضة، فقد مرت عليهم أيضًا أزمنة سادوا فيها الأمم، وقادوا الركب نحو العلم والنهضة والعمران، لكنهم عندما تخلَّوا عن الأخذ بأسباب النصر والتمكين وشحُّوا بأنفسهم وأموالهم عن نهضة الأمة وصلوا إلى ما وصلوا إليه.
عن المسلمين والغرب وأسباب التقدم والتخلف وعن أمم العالم قديمًا وحديثًا وعن قيمة اللغة والدين والثقافة في النهضة، يطرق الكاتب هذه الأبواب طرقًا عنيفًا متحسِّرًا وكاشفًا للحقائق استنهاضًا للهمم والعزائم.
مؤلف كتاب لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟
شكيب أرسلان: كاتب وأديب ومفكر عربي لبناني، ولد في الخامس والعشرين من ديسمبر عام 1869 وتوفي في التاسع من ديسمبر عام 1946.
كان يُجيد اللغات العربية والتركية والفرنسية والألمانية، والتقى العديد من المفكرين والأدباء خلال سفراته العديدة مثل جمال الدين الأفغاني وأحمد شوقي. اشتُهِر بلقب أمير البيان بسبب كونه أديبًا وشاعرًا بالإضافة إلى كونه سياسيًّا.
من أهم مؤلفاته:
عروة الاتحاد.
الحلل السندسية.
الارتسامات اللطاف.
تاريخ غزوات العرب.