انظر إلى الحياة بعين العدل
انظر إلى الحياة بعين العدل
كن منصفًا في الحياة لنظرتك إلى الناس وحبك لهم وتعلُّقك بهم، فلا تتعلَّق بأحد وتجعله هو المصدر الوحيد لكل شيء في الحياة وتعتمد عليه اعتمادًا كليًّا وتنظر إليه بعين المنقذ،ولا تحب أحدًا لدرجة الإدمان، بل عوِّد نفسك أنك قد تفقده يومًا، واجعل هناك دومًا بديلًا، ومن أراد مؤنسًا فإن الله يكفيه، ومن العدل أيضًا أن ترى الناس حقيقةً لا أن تراهم بصورة أناس آخرين ما زالوا في ذاكرتك، وأعطِ كل شخص المشاعر التي يستحقُّها، فلا تحب الفتاة رجلًا لمجرد أنه يشبه أباها أو قد تكره آخر لأنه يذكِّرها بمعلم في الصغر لم يكن يعاملها بلطف، فتتعامل معه كأنها تتعامل مع ذلك المعلم من حيث المشاعر ومن حيث ردود الأفعال، فهذا ليس من العدل، وحين تجد مشاعرك كثيرة وسريعة جدًّا تجاه أحد دون مبرر أو سبب واضح فهذه غالبًا مشاعر غير حقيقية، حينها انظر إلى الأمور مرة أخرى، وصحِّح مسار مشاعرك.
فلو أخذنا شخصية (Maleficent)كمثال تلك الشخصية الشريرة في قصَّة الأميرة النائمة.. لم تكن مالفيسينت عادلة حين ألقت بالتعويذه على الأميرة أُرورا.. كانت تنتقم من طفلة مولودة على فعلة أبيها إلا إن براءة الأميرة أُرورا وصدق عاطفتها أذابا جليد الانتقام وزرعا مكانه براعم الحب،لا يختلف نموذج مالفيسينت عن كثير من نماذج المرضى داخل العيادات النفسية، الشخص الذي لا يرى سوى الجانب المظلم في حياتنا؛ الظلم والانتقام والألم الذي سبَّبه الآخرون لنا، ويكمن العلاج في التقبُّل وعدم اليأس، وأن نكون واثقين بأن بداخلنا جانبًا رائعًا، وأن قدرنا عند الله عظيم، ونتعلَّم من أخطائنا، ونعلم أنه لولا الليل المظلم لما كان لبزوغ الفجر معنى.
وعليك عزيزي القارئ ألا ترضى أبدًا بأنصاف العلاقات ولا تنظر إلى الأمور من زاوية واحدة، وتقبَّل الاختلاف والتناقض، واعلم أن النضج السوي في العلاقات هو أن تراها بمنظور كامل، أي أن ترى كل جوانبها من عيوب ونواقص، مثلًا لا تأخذ من الغرب العري والانفتاح والأفكار المتطرفة وتتجاهل جانب العلم والمعرفة والتقدم، وهذا ليس لأجل الآخر فقط، وإنما لأجلك أولًا حتى تعرف كيف تستمتع بالحياة كاملة وتقبل الخطأ وتعرف سُبل النجاح، ولا تكن سجين أخطائك، وإنما ارضَ وسامح، وأعطِ نفسك كل يومٍ أملًا جديدًا وفرصة جديدة للحياة لأنك تستحق المغفرة والسماح، وتستحق أن تُحترَم.
الفكرة من كتاب الخروج عن النص
لا نزال نحمل بقايا تؤلمنا من الماضي ومخاوف لا نعرف كيف نتجاوزها، وقد تصدر منا بعض التصرُّفات لا نعرف لها مبررًا في أنفسنا، ومشاعر لا نعرف كيف أتت، معًا في هذا الكتاب نتعرف على النفس وماهيتها وكيف نحفظ حدودها ولا نسمح لأحد بأن يتعدَّى الخطوط الحمراء، ونتعلم كيف نتجاوز تلك الأمور التي لا تزال عالقة في أعماقنا وكشف الحجاب عن أفعال بعض الناس التي قد تكون خارجة عن النصوص الراسخة في عقولنا.
مؤلف كتاب الخروج عن النص
محمد طه: طبيب نفسي مصري، وكاتب مشهور حاصل على الماجستير والدكتوراه في الطب النفسي، وحاصل على الزمالة في الطب النفسي من الكلية الملكية البريطانية، وله العديد من المؤلفات منها: “لأ بطعم الفلامنكو”، و”علاقات خطرة”، و”ذكر شرقي منقرض” .