انطلاق الجمعية
انطلاق الجمعية
كان عام 1930 هو العام الفاصل، إذ كان الاحتلال الفرنسي للجزائر قد أتمَّ حينها مائة عام، وأقيمت لذلك احتفالات ومهرجانات هائلة، وكان مخططًا لها أن تستمر مدة 6 أشهر كاملة، وكان من حديث أحد قادتهم: “ألا فلتعلموا أن مغزى هذه المهرجانات هو تشييع جنازة الإسلام بهذه الديار”، فاستثار بذلك المسلمين وزاد حقدهم، فعمل الشيخ وزملاؤه على إثارة نخوة الناس وإيقاظهم من سكونهم في دعوات سرية وأخرى علنية، فأفسدوا كثيرًا من مهرجاناتهم وبالفعل لم تستمر سوى لشهرين، وخسرت فرنسا أموالًا طائلة من وراء ذلك.
بعد كل ذلك الغرس والحشد، وفي شهر مايو عام 1931 تم إعلان تأسيس جمعية العلماء المسلمين، وتم انتخاب مجلس إداري من رجال أكفاء، وانتُخب بن باديس رئيسًا ومحمد البشير نائبًا عنه، وقد رأوا أن من أسباب البلاء الذي حلَّ بالجزائر: الاستعمار الفرنسي، والبدع والضلالات الدينية، ومشائخ الطرق المفسدين الممالئين للاستعمار، فبدؤوا بالثانية لقدرتهم عليها في ذلك الوقت، فقادوا حملة على تلك البدع والخرافات بالخطب والمحاضرات وفي الأسواق والأماكن العامة والجرائد، وبدؤو بتعليم الصغار العربية في البيوت والمدارس، بالإضافة إلى تجنيد الشبان الخريجين والاستعانة بشباب جامع الزيتونة في تعليم أبناء الشعب، وطالبوا الحكومة بتسليم أوقاف المسلمين لتصرف لما وقفت له، وطالبوا باستقلال القضاء الإسلامي في الأحوال الشخصية بشكل مبدئي، وبألا تتدخَّل في تعيين الموظفين الدينيين، “وكانت تلك المطالب في نظر الاستعمار نصف الاستقلال”.
الفكرة من كتاب من أنا؟ محمد البشير الإبراهيمي
سيرة محمد البشير إنما هي سيرة إمام وعالم ومناضل، حمل راية العلم والإصلاح لتحرير أمته، مما أسماهما الاستعمارين المادي والروحي، أما المادي فهو الاحتلال الفرنسي، وأما الروحي فهو الخرافات والبدع التي انتشرت على يد مشايخ الطرق، وتتناول هذه السيرة مراحل حياته منذ نشأته في الجزائر وتلقيه العلم، ثم انتقاله إلى المدينة المنورة وتدريسه بالمسجد النبوي، وبعدها إلى دمشق ومن ثم عودته، ودوره في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وموقفه من الاستعمار الفرنسي، ومن الثورة الجزائرية المجيدة.
وقد قام بجمعها وتحقيقها الدكتور رابح بن خوية من ثلاثة مقالات كتبها محمد البشير بنفسه لمناسبات مختلفة، وأضاف عددًا من أهم خطبه التي تبيِّن جزءًا من مواقفه في آخر حياته، مستعينًا في ذلك بكتاب “آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي” الذي كتبه ابن الشيخ الأصغر أحمد.
مؤلف كتاب من أنا؟ محمد البشير الإبراهيمي
محمد البشير الإبراهيمي، إمام ومفكر ومؤلف، ولغوي جزائري، ولد عام 1889، من أئمة الإصلاح إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر، أسَّس مع الإمام عبد الحميد بن باديس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، وكان له دور في التمهيد للثورة الجزائرية ودعمها بلسانه وقلمه.
من مؤلفاته: “مقالات عيون البصائر”، و”بقايا فصيح العربية في اللهجة العامية بالجزائر”، و”أسرار الضمائر في العربية”، ورواية “كاهنة أوراس”، و”شعب الإيمان”، وملحمة “رجزية تبلغ ستة وثلاثين ألف بيت”.