انطلاقة بنك مصر ومجموعة شركاته
انطلاقة بنك مصر ومجموعة شركاته
كانت طبقتا الحركة الوطنية وكبار ملاك الأرض قطبي الرحى لعملية دعم إنشاء بنك مصر، إذ شكلتا أغلبية مساهمي البنك، وكان ذلك مدفوعًا بالتوسُّع في الإنتاجية الزراعية، والرغبة في كسر شوكة احتكار رأس المال الأجنبي، كما أسهمت لجان الأعيان في الريف وكذلك الأنشطة الطلابية في المدارس والجامعات بدورها في بيع أسهم البنك الوطني، ما خلق نوعًا من التناغم المجتمعي حول دعم عملية إنشاء هذه المؤسسة المالية.
ورغم أن الحركة الوطنية كانت من أهم دعائم إنشاء البنك، فقد حدث بعد ذلك انقسام شق الصف داخل الحركة، وألقى بظلاله على دور البنك حيث اختلفت الرؤى حول أسبقية الاستقلال الاقتصادي والسياسي وأيهما يأتي أولًا؟ ففي الوقت الذي تزعَّم فيه طلعت حرب ضرورة العمل على البَدء بالاستقلال الاقتصادي، تزعَّم سعد زغلول لواء البدء بالاستقلال السياسي، فأسهم هذا التشاحن في تفكيك الحركة الوطنية، وبدأ المشهد السياسي يأخذ شكلًا آخر حينما برزت قوى القصر الحاكم والإنجليز من جديد.
استمر بنك مصر في المحافظة على سياسته وعزف عن الوقوع في مستنقع الانقسامات الحزبية الداخلية للحركة الوطنية، فبدأ موجةً من التوسعات بعد منتصف العقد الأول من إنشائه، تمثَّلت في تأسيس أهم شركات مجموعة مصر، وهكذا في خلال عقد واحد تمكَّن بنك مصر من زيادة رأسماله ومجموع شركاته من ثمانين ألف جنيه مصري إلى عشرة ملايين من الجنيهات المصرية وبعض العملات الأجنبية، تشمل عشرات الشركات التي أنشأها بالإضافة إلى الفروع الأجنبية التي تم إنشاؤها بالخارج.
الفكرة من كتاب طلعت حرب وتحدي الاستعمار
كان إنشاء بنك مصر نموذجًا فريدًا للتمرُّد على كل نظريات التبعية الاقتصادية، وأعاد في الوقت نفسه تشكيل العلاقة الجدلية بين المتغيرات العالمية والاحتياجات التنموية، كما برهن على نحو عملي على أن الاستقلال الاقتصادي أحد أهم متطلبات الاستقلال السياسي..
يعد هذا الكتاب قراءة متأنية للشأن المصري في الفترة الزمنية الواقعة بين الحربين العالميتين، كما يتعرَّض لحياة الاقتصادي العظيم طلعت حرب ويتتبع تاريخ إنشاء بنك مصر والنهضة الصناعية المصرية التي قامت على أكتاف مجموعة شركاته، ويتعرَّض كذلك لمحاولات وأد تلك النهضة الوليدة من قِبَل دول الاحتلال.
مؤلف كتاب طلعت حرب وتحدي الاستعمار
إيريك دايفيز Eric Davis: أستاذ العلوم السياسية بجامعة روتجرز، والمدير السابق لمركز دراسات الشرق الأوسط بالجامعة، حصل على درجة الدكتوراه من جامعة شيكاغو، وتم تعيينه باحثًا بمركز كارنيجي لعام 2007-2008 من قبل مؤسسة كارنيجي بنيويورك، حاصل على زمالة من معهد البحوث الأكاديمية الأمريكية في العراق (TAARII) ومنحة من معهد الولايات المتحدة للسلام.
ومن مؤلفاته: “ذكريات الدولة: السياسة والتاريخ والهوية الجماعية في العراق الحديث”، و”جمع الرجال: الدروس المستفادة من قوات البحرية تدريبهم وتدرس لأبنائها”، و”الحكم السياسي في الشرق الأوسط: النفط والذاكرة التاريخية والثقافة الشعبية”.