انحيازات مهلكة

انحيازات مهلكة
تمثل الانحيازات نوعًا من أخطاء التفكير، وهي أنواع، أولها الانحياز إلى السفينة الناجية، ويعني أننا نبالغ في تقدير فرص النجاح، وسبب ذلك انجذابنا الشديد إلى قصص النجاح أكثر من الإخفاقات، وقد تتساءل “ما الضرر في تركيز الضوء على النجاحات؟” وأجيبك بأن التركيز على قصص النجاح دون النظر إلى الجانب الآخر من المعادلة -وهو الإخفاق- يقلل من اتخاذ الفرد لاحتياطات السلامة والأمان، وهذا ما قد يفاقم الأضرار، فمثلًا قد يبدأ شاب في مشروع ومن كثرة قصص النجاح التي أحاط بها نفسه يضع كل ما يملك في هذا المشروع، وماذا كانت النهاية؟ انضم المشروع إلى مئات الإخفاقات التي لا يوليها أحد أي اهتمام، ويعظم إحباط هذا الشاب وخسارته، وللتحرر من هذا الانحياز عندما تقبل على أي خطوة جديدة، قيم كل الاحتمالات المتاحة بشكل متساوٍ حتى تتخذ قرارك بشكل واقعي بعيدًا عن المبالغات.

هذا عن الانحياز إلى السفينة الناجية، أما الانحياز التالي فهو الانحياز إلى المعرفة المتاحة، ويعني أننا نفسر الأمور تبعًا للمعلومات المتاحة لنا وليس المعلومات الحقيقية، فقد تنصح أحدهم بالتوقف عن التدخين فيرد بأن جاره قد عاش عمره كله مدخنًا وتوفي في التسعين من عمره وكان بصحة جيدة، وهو يريد أن يثبت بذلك أن التدخين غير ضار ولا تأثير له في الصحة، لكنه وقع في فخ الانحياز إلى المعرفة المتاحة، لأنه اعتمد على مثال واحد يعرفه وتجاهل آلاف الأمثلة الأخرى التي تعرضت لمخاطر التدخين الجسيمة، ومن صور الانحياز إلى المعرفة المتاحة الأخرى أن حساسيتنا تزداد تجاه ما سمعنا عنه مؤخرًا، فلو سمعت في الأيام الأخيرة عن حدوث عدة زلازل فسيتضاعف خوفك من الموت إثر زلزال، وقد يصبح هاجسًا يطاردك طوال الوقت رغم أن احتمال الموت بسبب زلزال أقل بكثير إذا ما قورن بالسكتات القلبية والدماغية، لكننا نهتم بما يُتاح لنا بغض النظر عن حقيقته أو احتمالية حدوثه، ولكي تخرج من هذا الانحياز، حاول أن تتعرض لأشخاص مختلفين عنك ولمصادر غير التي تطلع عليها دائمًا وخبرات جديدة.
وغير الانحياز إلى السفينة الناجية والمعرفة المتاحة، يوجد الانحياز إلى المصلحة الذاتية، ويعني أن الإنسان دائمًا ينسب النجاح والفضل إلى نفسه، أما الإخفاق والمشكلات فيرجعها إلى الآخرين أو العوامل الخارجية، وهذا انحياز خطير لأنه يمنع الإنسان من معرفة أخطائه، ومن ثم يقع فيها مرة تلو أخرى ولا يحاول إصلاحها، وللتخلص من هذا الخطر عليك بصديق مخلص يهدي إليك عيوبك وينبهك لأخطائك دون تزييف أو تجميل.
الفكرة من كتاب فن التفكير الواضح.. ٥٢ خطأ في التفكير يجب عليك تجنبها
هل تغريك لافتات الخصومات والأكثر مبيعًا؟ هل تقف حائرًا بين عشرات الأصناف المعروضة لمنتج واحد؟ وهل أعجبك أحد المنتجات فقط لأن ممثلك المفضل قد ظهر في إعلان له؟ وماذا عن الصمود أمام طعامك المفضل اللذيذ؟ هل تقاوم وتستمر على نظامك الغذائي أم سريعًا ما تنهار قواك؟ إذا كانت إجاباتك “نعم” فلا تقلق، فأنت واحد من البشر الذين يقعون دون وعي منهم في مجموعة كبيرة من أخطاء التفكير أو ما يسمى بالمغالطات المنطقية، وها نحن هنا لنستكشف هذه الأخطاء ونعزز وعينا تجاهها ونعرف كيف نتعامل معها، وبهذا نخطو خطوات واسعة للتحرر من هذه الأخطاء، وننعم بتفكير واضح دقيق.
مؤلف كتاب فن التفكير الواضح.. ٥٢ خطأ في التفكير يجب عليك تجنبها
رولف دوبلي: كاتب ورجل أعمال سويسري، حصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة سانت جالن عام 1991، كما حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة الاقتصادية عام 1995، وهو المؤسس والراعي لمؤسسة زيورخ مايندس، وهي مجتمع يضم مجموعة من المفكرين والعلماء والفنانين ورجال الأعمال الأكثر شهرة وتميزًا حول العالم، وهو أيضًا أحد مؤسسي جيت أبستراكت، أكبر ناشر للمعرفة في العالم. ومن مؤلفاته:
The Art of Thinking Clearly
The Art of the Good Life: Clear Thinking for Business and a Better Life
Stop Reading the News: A Manifesto for a Happier, Calmer and Wiser Life
معلومات عن المترجمة:
نيرمين الشرقاوي: حاصلة على درجة الدكتوراه من كلية الألسن بجامعة عين شمس بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف عام ٢٠٠٩م، وتعمل في تدريس الأدب الألماني والحضارة والترجمة بقسم اللغة الألمانية جامعة عين شمس بالقاهرة، كما حصلت على عديد من المنح العلمية من قبل الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي، وتعاونت مع المركز الثقافي الألماني -معهد جوته- في ترجمة عديد من الأعمال، ومن ترجماتها:
تأثير اللوتس.
أبطال خارقون.
قبل زيادة العلامات.