انتقادات على المفهوم وطرق تجاوزها
انتقادات على المفهوم وطرق تجاوزها
إن ما يميِّز دراسات وبحوث الشخصية القومية في الحقبة الأخيرة اعتباره موضوعًا مستقلًّا للبحث يقصد لذاته ولا تتم معالجته عرضًا كما كان يحدث في كتابات كثير من المؤرخين أو علماء الاجتماع السابقين، ولكن ليس معنى بروز ذاتية خاصة للموضوع انتهاء الخلافات بصدده بين الباحثين، فقد تعدَّدت الآراء حول طرق تحديد مفهوم الشخصية القومية، الأمر الذي عكس تعدُّد الأطر النظرية التي انطلق منها الباحثون، وأيًّا كان الأمر فقد أصبحت دراسات الشخصية القومية كالكهف يبتعد عنه الباحثون نظرًا إلى ارتباطها عادةً بأغراض غير علمية؛ حيث وُجِّه إليها العديد من الانتقادات، ذات الصفات المتداخلة فيما بينها، فما بين انتقادات خاصة بسوء استخدام المفهوم بحيث إنه باستخدام تعريف معين قد يؤدي إلى إخفاء متعمَّد لجوانب قد يراها الباحث سلبيات في شعبه إلا أنه غالبًا ما يخفِّف من وزنها وفي نفس الوقت يقلل من الصفات الإيجابية للشعوب الأخرى، أو انتقادات منهجية بسبب عدم القدرة على تعميم النتائج على أمة بأسرها، أو انتقادات شاملة للميدان بأسره سواء من ناحية النتائج أو الأطر المرجعية أو البراهين العلمية أو المناهج التي تم استخدامها.
إلا أنه يمكن لبحوث الشخصية القومية أن تحقِّق الآمال المعقودة عليها والفوائد التي ترتجى من ورائها لو توافرت فيها عدة شروط، ففي البداية ينبغي للباحث أن يحدِّد المفهوم الذي سيعتمد عليه من بين المفاهيم المتعددة السائدة في الميدان والتي ستدرس الشخصية القومية وفقًا لها، ثم يعرف بدقة المتغيرات الرئيسة التي سيبني عليها دراساته ومناقشاته، كما ينبغي للباحث أن يحدِّد تطبيق مفهوم الشخصية القومية ويعلم هل يبسط نطاقه على كل طبقات المجتمع أم يقتصر على بعض الطبقات دون غيرها، وما هو المجال الزمني لتطبيق الباحث مفهوم الشخصية القومية، مع الأخذ في الاحتياط أنه لا يجوز للباحث أن يعمم ويتحدث عن الشخصية القومية بغير أن يقارن بيانات ببيانات عن شعوب أخرى، على الرغم من أن تلك الموضوعية هنا ستكون عقوبتها اتهام الباحث أو الكاتب بالافتقار إلى الوطنية والانحياز إلى تمجيد الشعوب الأخرى.
الفكرة من كتاب الشخصية العربية بين مفهوم الذات وصورة الآخر
في أول دراسة موثَّقة عن الشخصية العربية، يحاول الكتاب بمنهجية أكاديمية غير جافة النظر إلى قضية الصراع العربي الإسرائيلي بشكل محايد ومن مدخل علم الاجتماع السياسي ومفاهيم الشخصية القومية في محاولة للإجابة على عدة أسئلة: ما النظرة المتحكمة في رؤية الغرب لنا؟ وكيف تمكَّن المثقفون والأكاديميون العرب منهم والإسرائيليون من تحليل قضية الصراع العربي الإسرائيلي من مدخل نفسي اجتماعي.
مؤلف كتاب الشخصية العربية بين مفهوم الذات وصورة الآخر
السيد يسين: مفكر سياسي واجتماعي مصري، ولد عام 1933، وشغل العديد من المناصب كرئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والأمين العام لمنتدى الفكر العربي، إضافةً إلى عمله مساعدًا بوزارة الخارجية ومديرًا بوزارة البحث العلمي وأستاذًا لعلم الاجتماع السياسي في المركز الوطني للأبحاث الاجتماعية والعلوم الجنائية، وقد حصل على العديد من الجوائز؛ أهمها: جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، وجائزة أفضل كتاب في مجال الفكر عن كتاب “الوعي التاريخي والثورة الكونية”، وتوفي في مارس 2017.