انتبه أنت تغرق!
انتبه أنت تغرق!
يتصف عصرنا بأنه عصر الإغراق، إذ يوجد إغراق معلوماتي وإغراق في التواصل بين الجميع، ففي الدقيقة الواحدة يُرسَل نحو 6.41 مليون رسالة على فيسبوك وواتساب، ويُرفَع نحو 300 ساعة من مقاطع الفيديو على يوتيوب ويُشاهَد 5 مليارات مقطع فيديو يوميًّا، كُل هذا ينعكس بشكل سلبي علينا، فكثير منا يَفقد جراء هذا الاستخدامِ المفرطِ التفكيرَ العميقَ والتركيزَ وصفاءَ الذهن، والقدرةَ على التقدير المناسب للأحداث وما يُعرض عليه.
وقد شَكَّلَنا هذا العصرُ بحيث صرنا مشدودي الأعصاب، منفعلين طوال الوقت لما يهمنا وما لا يهمنا، متوحدين مع هواتفنا، كما وُلِّدَ لدينا نوع من الجهل، ولكن الجهل هنا مختلف، فهو ليس جهلًا لنقص المعلومات وإنما لزيادتها وعدم اليقين والشك في صحتها، فنحن نرى بشكل يومي كثيرًا من المعلومات المغلوطة فنقرأ اليوم دراسة عن فوائد تناول قرص من دواء معين، وفي اليوم التالي نقرأ دراسة أخرى للتحذير من تناول هذا الدواء.
ومن أكثر المشكلات التي ظهرت في عصرنا الاكتئاب نتيجة التعرض بشكل مستمر للمحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، فنحن نرى اللحظات السعيدة للآخرين سواء كانت سعادة حقيقة أو مصطنعة، وننظر إلى حياتنا فلا نراها تمتلئ بهذه السعادة فنميل إلى الشعور بالحزن والاكتئاب، والعقل يميل إلى تعميم سعادة الآخرين وإن كان يعرف أن هذه اللحظات التي يراها قصيرة.
ولا يتوقف تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الإصابة بالاكتئاب، بل يتجاوز الأمر لإحداث حالات وفاة نتيجة الانشغال باستخدامها في أثناء القيادة.
لهذا فإن من الضروري أن نسأل أنفسنا لماذا نستخدم وسائل التواصل، ونذكر العيوب والمميزات التي نراها، وإن كنت تحتاج إلى أن يذكرك أحد بضرر هذه الوسائل فدعنا نعرف أهم الأسباب التي ذكرها “جارون لانيير” في كتابه “عشر جدليات لمسح حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بك فورًا”، تنحصر هذه الأسباب في: أن وسائل التواصل الاجتماعي تَسلبنا إرادتنا وتجعلنا نعتنق أسلوبًا معينًا في التفكير والتصرف، كما أنها تجعلنا أكثر استهلاكًا، فتعمل على توليد شعور زائف بالحاجة إلى شراء منتجات معينة للحصول على أموالنا، والأهم أنها تُغير قدرتنا في التعاطف الإنساني، وتُشكل نوعًا من الجنون المُتمثل في التباهي والشهوة والتواصل.
الفكرة من كتاب صفر واحد: مدخل إلى الوعي الرقم
اليوم في عصر الإنترنت بات من الضروري أن نعرف ما سيكون عليه المستقبل والوظائف التي سيزيد الطلب عليها، وكذلك الأنواع المستحدثة من الإرهاب والجرائم التي تُنفذ من خلال الإنترنت لنحمي أنفسنا منها، كما صار من المهم أن نقف مع أنفسنا ونذكر أهمية وسائل التواصل الاجتماعي وعيوبها، ونحدد هل حقًّا نحن مستعدون للوجود عليها بالرغم من كل الأضرار التي تُصيبنا أم علينا أن نزيلها فورًا؟
يأخذنا الكاتب في جولة لمعرفة هذه الأمور التي تدور في عقولنا، وذلك لزيادة الوعي الرقمي لدينا، ولنعيش مع التكنولوجيا في حالة من التوازن.
مؤلف كتاب صفر واحد: مدخل إلى الوعي الرقم
زياد عبد التواب: مساعد الأمين العام لنظم المعلومات والتحول الرقمي بجمهورية مصر العربية، حاصل على ماجستير في تكنولوجيا المعلومات وإدارة الأعمال من جامعة ميدلسيكس في المملكة المتحدة، لديه خبرة تزيد على 28 عامًا في مجال تصميم وإدارة الشبكات وأنظمة المعلومات، وحلول التحول الرقمي، وقد شغل عدة مناصب في “مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء”.
له عدد من المقالات الفنية المتخصصة في مجلة الهلال، ومجلة المصور، ومجلة الديمقراطية، ومجلة لغة العصر، وجريدة روز اليوسف، كما ألّف كتاب “الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات”.