امتداد الطفولة
امتداد الطفولة
على إثر نظريات التطور حظي الاختلاف العمري بين الإنسان وبقية الثدييات باهتمام العلماء لفترة طويلة، قدم إرنست هيجل عالم الأحياء نظرية التلخيص في القرن التاسع عشر، التي فرضت أن الإنسان يكرر في تطوره الجنيني المراحل السابقة لتطور الأسلاف، ومن ثم يتجاوزها.
وفي عام 1920، قدم اختصاصي علم التشريح لويس بُلك نظريته الاجتنان أو ما يعرف حاليًّا في علم الأحياء بامتداد الطفولة، وقد فسر هذا الاختلاف العمري من خلال تفسير أن معدل تطور الإنسان قد مر بإبطاء تدريجي بخلاف الحيوان، وذلك من شأنه المحافظة على خصائص الشباب في مراحل عمر الإنسان اللاحقة، وأشار في بحثه إلى أكثر من عشرين سمة يشترك فيها الإنسان مع كوكبة متنوعة من الأجنة الثديية، كأصابع قدم الإنسان الكبيرة الحجم التي تكون موجودة في معظم الرئيسيات -أي رتبة من رتب الثدييات- بمراحل تطورها المبكرة فقط، أما الإنسان فيحتفظ بهذه السمة الطفلية طوال فترة حياته.
افتقرت النظريتان إلى المنطق والأدلة الدامغة، وسقطتا بذلك في طي النسيان، حتى قام العالم ستيفن جولد في القرن العشرين بتعديل الأدلة الخاصة بنظرية بُلك عن طريق تأويلها من خلال مصطلح التطور الفسيفسائي، الذي يعني حدوث التغير التطوري في بعض أجزاء الجسد دون الأجزاء الأخرى، أي تطور أجزاء جسد الإنسان المختلفة بدرجات متفاوتة، وتحت هذا التحليل يتم تفسير وجود بعض من سمات الطفولة وسمات الشيخوخة معًا في جسد الإنسان بلا تعارض، بدلًا من إسناد بُلك التطورات الطفلية إلى التغيرات الهرمونية التي لا تتيح إمكانية تفسير وجود سمات الشيخوخة.
واعتقد جولد أن تأخر التطور الزمني قد شكل مصفوفة أساسية لتطور الإنسان العام، ويعتبر هذا التأخر مصدر سمات الشيخوخة ومصدر سمات الطفولة التي تزيد من مرونة الإنسان، وقابليته للتكيف، وحريته، وذكائه، وقدراته الاجتماعية، وتتفاعل هذه العناصر معًا لتشكل ثقافة الإنسان، وبذلك تنتقل سمات الطفولة الممتدة من المستوى البيولوجي إلى المستوى الثقافي.
الفكرة من كتاب الشباب: العمر من منظور التاريخ الثقافي
تفيض ظاهرة العمر في الحضارة الغربية على ظاهرة جديدة مثيرة للتساؤل، وهي بروز اختلافات عظيمة بين صاحب الأربعين عامًا اليوم وصاحب الأربعين عامًا من قرنٍ مضى، وحتى من عقدٍ مضى، بل ويمكننا القول من خمسة أعوام، ومع أن صاحب الأربعين اليوم هو نفسه صاحب الأربعين بالأمس من الناحية البيولوجية والتطورية، فكيف تتخطى هذه الاختلافات العميقة الهيئة الشكلية إلى السلوك، وأسلوب الحياة، والرغبات؟ ما السر؟
يحاول الكاتب اكتشاف السر من خلال البحث في التاريخ الثقافي للعمر، مع عرض مبسط لأعمار الإنسان المختلفة. وبالحديث عن العمر، كم عمرك؟ لك كل الوقت في التفكير! لأن الإجابة ليست سهلة أبدًا!
مؤلف كتاب الشباب: العمر من منظور التاريخ الثقافي
روبرت بوغ هاريسون: يعمل أستاذًا للأدب الإيطالي في جامعة ستانفورد بكاليفورنيا، حصل على الدكتوراه في الدراسات الرومانسية من جامعة كورنيل، لديه بودكاست بعنوان (Entitles Opinions about life and literature) يشارك فيه لمحات من الحياة والأدب وما بينهما، ألف عددًا من الكتب، أهمها:
Forests: The Shadow of Civilization
Gardens: An Essay on the Human Condition
The Dominion of the Dead
معلومات عن المترجم:
شحدة فارع: يعمل أستاذًا في قسم اللغويات الأجنبية في جامعة الشارقة، حصل على دكتوراه في اللغويات من جامعة كانساس، كما عَمِل أستاذًا في قسم اللغويات والترجمة في الجامعة الأردنية، من ترجماته:
“الطفل السعيد: تغيير جوهر التعليم”، لستيفن هاريسون.
“البحث الاجتماعي”، لسوتيريوس سارانتاكوس.
“التعليم العالي في مجتمع متعلم”، لجيرولد آبس.