الوقاحة الإبداعية.. جيش بلا قادة
الوقاحة الإبداعية.. جيش بلا قادة
لنتخيَّل اجتماعًا في إحدى الشركات، في جو هادئ تمامًا ولغة حوار سياسية غير جارحة تدور بين أفراد الطاولة، ربما يحدث هذا في شركة أوروبية، لكن مع وجود إسرائيليين في أي نقاش، يصبح الجو مشحونًا على الفور ولا مكان للحلول المريحة، إنها “الخوتزبه” أو الوقاحة الإسرائيلية، وهذه الممارسة التي تحدث في كل المؤسسات؛ الطلاب مع معلميهم، الجنود مع قادتهم، هذا المعنى ليس مكافئًا للديمقراطية، بل في الحقيقة يكون ناشئًا عن غطرسة واقتناع تام بصحة الرأي، وقد تكون Intel هي أحد أوضح الأمثلة على الفظاظة والغطرسة الإسرائيلية، فلولا إصرار الفريق الإسرائيلي في حيفا على تغيير منهجية الشركة في تقييم المعالجات، لخسرت Intel ريادتها العالمية في هذه الصناعة منذ زمن، وقد أثبت الفريق الإسرائيلي صحة رأيه في النهاية، وأوكلت إليه Intel مسؤولية معالجات الأجهزة المتنقِّلة بالكامل، فالجدال المباشر والصريح ربما يكون هو الطريق المثالي نحو الأفكار الإبداعية، لكن مع كل تلك الأفكار والآراء والكثير من “الخوتزبه” سيتطلَّب الأمر العديد من الاجتماعات والمناقشات لحسم أي شيء، وهذا أمر فهمه الإسرائيليون وطبَّقوه بفاعلية منذ حروبهم الأولى وحتى إنشاء مؤسساتهم.
يُعدُّ الجيش الإسرائيلي أقل الجيوش العالمية بيروقراطية، حيث تحظى الرتب الدنيا بصلاحيات غير تقليدية في الحياة العسكرية، فإسرائيل كانت طوال الوقت محدودة العدد، وإذا أوكلت كل المهام الحرجة إلى الضباط فلن توجد أعداد كافية منهم أبدًا، لذلك تتعاظم مسؤولية الجنود داخل قوات الجيش، وكذلك تتعاظم قيمة المعلومات الخطيرة التي يطَّلعون عليها، أدت هذه الطبيعة الخاصة لإسرائيل إلى جيش مختلف أيضًا، فقد أدرك الإسرائيليون منذ البداية أنهم لن يبنوا جيشًا بالضخامة الكافية للحفاظ على الأراضي المُحتلة، لذلك ركَّزوا على تفعيل دور قوات الاحتياط لتصبح العمود الأساسي للجيش الإسرائيلي، ليصبح الأمر شبيهًا بجيش شعبي يحظى أفراده بالكثير من حرية التصرُّف والاعتراض على القادة، إنها الخوتزبه مرة أخرى تكسر الحدود الهرمية وتجعل من الجدل والوقاحة وسيلة للتُحسُّن.
الفكرة من كتاب أمة الشركات الناشئة: حكاية معجزة إسرائيل الاقتصادية
لطالما كانت إسرائيل بالنسبة لنا مُحاطة بالغموض، رأينا آلة الحرب تارة ووجه السلام المُصطنع تارة أخرى، لكن دائمًا تجاهلنا، أو أُخفي عنا، القلب والمجتمع المُحرِّك لهذا الكيان، كان هذا فعَّالًا للغاية من جهة المقاطعة الشعبية، أما من ناحية “اعرف عدوك” فقد أصبحنا عميانًا عن كل ما يخصُّ عدوَّنا، كانت طريقتنا هذه لَتُـضحك صن تزو بلا شك، ربما سيجد البعض غضاضة في القراءة عن إنجازات إسرائيل، لكن من الضروري التفرقة بين المعرفة والحب، فطالما كان فهم العدو والإلمام بجميع جوانبه أساسًا للنصر، فعلى هذا نتفق في البداية، وأيضًا أن ميراث الدم لا ينسخه شيء.
مؤلف كتاب أمة الشركات الناشئة: حكاية معجزة إسرائيل الاقتصادية
دان سينور : أحد كبار مستشاري السياسة الخارجية في الحكومة الأمريكية، درس في إسرائيل وفي كلية إدارة الأعمال بهارفارد، كتب عن السياسة وعمل بها، كما عمل بالشرق الأوسط، وكان واحدًا من المسؤولين المدنيين الأطول خدمة في العراق.
عمل أيضًا مستشارًا للقيادة المركزية لوزارة الدفاع الأمريكية في قطر، وسافر كثيرًا في معظم أرجاء العالم العربي، كما أنه استثمر في عدد من الشركات الناشئة الإسرائيلية والأمريكية.
ساول سينجر : كاتب صحفي ومحرر سابق لصفحة في جريدة “Jerusalem Post”، عمل ساول قبل أن ينتقل إلى إسرائيل في عام ١٩٩٤ مستشارًا للشؤون الخارجية بمجلس النواب وللجان المصرفية في مجلس الشيوخ، ألَّف كتابًا بعنوان:
“Confronting Jihad: Israel’s Struggle and the World After 9/11”
معلومات عن المُترجمين:
تُرجِم هذا الكتاب على يد مجموعة من المُترجمين: عبدالعزيز صباغ، صفاء صباغ، محمد حبش، صفاء هنداوي، منال مكتبي، هاني داوود، أسماء منصور، ديما الحمد، سارة شهيد، علي غريب، رغداء صباغ.