الوعي
في الخطوة الأولى سوف نتعرَّف على الطرق التي تُقلِّل بها بيئتنا من قدرتنا على التفكير، أولًا: نحن في عصر طوفان المعلومات حيث تلاحقنا عبر الإعلانات، ووسائل التواصل الاجتماعي، والأخبار، ونحن نستطيع التعامل مع سبع معلومات منها كحد أقصى في المرة الواحدة، وبهذا الشكل نبني قراراتنا بعد بحث قصير لعدم قدرتنا على استقبال المزيد، ثانيًا: عالمنا مليء بالمشتِّتات سواء كانت رسائل البريد الإلكتروني غير المهمة، والتي يتم إرسالها بشكل مُبالغ فيه، أو رنَّات الهاتف، أو الضوضاء في المكاتب المفتوحة، ففي وسط مثل هذا يصُعب التركيز واتخاذ قرارات، والدليل هو دراسة أجرتها شركة مايكروسوفت، كشفت أننا نحتاج إلى عشرين دقيقة بعد فحص رسالة البريد الإلكتروني حتى نعود إلى مهامنا بنفس التركيز، كما أن هناك دراسة أخرى كشفت أن العمل في المكاتب المفتوحة يقلِّل من إنتاجية 66% من الأفراد، ثالثًا: قد أصبح عالمنا سريع التغير بشكل يفوق إدراكنا، فأصبح المستقبل غير قابل للتنبؤ، وأصبح ما اعتمدنا عليه في الماضي غير صالح للحاضر ولا المستقبل.
وبسبب طوفان المعلومات الذي نواجهه كل يوم، وكم المشتِّتات التي نتعرَّض لها، علينا استخدام استراتيجيات جديدة في اختيار المعلومات التي سنعتمد عليها في اتخاذ قراراتنا، وهذا هو هدف الخطوة الثانية، فهناك أخطاء نقع فيها أثناء جمع المعلومات، حيث ننظر إلى عنصر واحد من عناصر الصورة ونغفل عن التفاصيل الأخرى، فنقوم بالتركيز على المعلومات البارزة ولا نلتفت للاستفسار عن التفاصيل الصغيرة والهوامش لأن عقولنا تميل إلى التبسيط، ولأننا لا ندرك أن من قدَّم لنا المعلومات قد يسيء ترتيبها أو يُبرز بعض المصطلحات أو يتلاعب بها بهدف التضليل، وإضافةً إلى ذلك فنحن نهتم بالمعلومات القابلة للقياس كالإيرادات ومُعدل النمو ونختزل المعلومات غير القابلة للقياس كالفساد والعنف والتمييز، وهذا الخطأ يقع فيه رجال السياسة والاقتصاد حيث يولون انتباههم لزيادة معدلات النمو بدلًا من الكيفية التي نمت بها، نسمح أيضًا لعواطفنا والافتراضات التي تم بناؤها في الماضي بشكل لا واعٍ بتحديد أي المعلومات سنهتم بها وأي المعلومات سيتم تجاهلها.
الفكرة من كتاب كن متيقِّظًا: كيف تتخذ قرارات ذكية في عالم مُربك
عشرة آلاف قرار يتم اتخاذها يوميًّا، بعض هذه القرارات تتعلَّق بأمور بسيطة كالطعام، والبعض الآخر يتعلَّق بأمور مصيرية مثل الصحة والمال والعمل، وهناك قرارات أخرى قد تؤثر في أشخاص آخرين مثل الوالدين، أو الأبناء، أو الذين يعملون تحت إشرافنا، أو من نتحمل مسؤولية اتخاذ القرار بالنيابة عنهم، وفي حالة إساءة اتخاذ قرارات متعلِّقة بأمور مصيرية تخصُّ حياتنا أو حياة الآخرين، تُصبح العواقب وخيمة، وتأثيرها قد يدوم لشهور أو لسنين تالية، وبالتغيُّر السريع الذي نشهده في عالمنا، أصبحت عملية اتخاذ القرارات تُمثِّل لنا تحدِّيًا كبيرًا، لكن باستخدام الخطوات العشر التي ذُكرت في هذا الكتاب سوف نتمكَّن من اتخاذ القرارات المصيرية بشكل أفضل.
مؤلف كتاب كن متيقِّظًا: كيف تتخذ قرارات ذكية في عالم مُربك
نورينا هيرتز: مؤلِّفة، ومُذيعة، وأستاذة جامعية وخبيرة اقتصادية، ولدت في عام 1967 بمدينة لندن، بإنجلترا، وحصلت على درجة البكالوريوس في الفلسفة والاقتصاد من كلية لندن الجامعية، وعلى درجة الماجستير في إدارة الأعمال من مدرسة وارتون، بفيلادلفيا، ثم على درجة الدكتوراه في الاقتصاد والأعمال من كينجز كوليدج، بكامبريدج، ولها عدَّة مؤلفات منها:
The Debt Threat: How Debt Is Destroying the Developing World
The Silent Takeover