الوعي والدماغ

إننا كلما تعمقنا في السلوك لم نستطع الوقوف على ربطٍ بينه وبين الوعي، إذ تكمن المشكلة في أن جميع الكائنات الواعية وغير الواعية تبدُر منها سلوكيات متوافقة، حتى تلك التي تخص المشاعر، فهل من سبيل آخر ندرك من خلاله ماهية الوعي؟ نجد أن علماء الأعصاب حاولوا تأمل ماهية الوعي من خلال ما يحدث في الدماغ، وكيفية استيعابنا للمحيط الخارجي، وما يحدث من جرّاء ذلك، وكانت الدراسات صادمة على نحو ما، فعلى الرغم من شعورنا بأن ما نمر به تجربةٌ متكاملة، فالحقيقة أن الوعي آخر مدرك لما يحدث حوله من أشياء، إذ تنتقل المعلومات عن طريق الحواس بدايةً بسرعات مختلفة إلى الدماغ، ومن ثم تجري مزامنة تلك المعلومات والإشارات لتدخل إلى تجربتنا الواعية، من خلال عملية “الربط”، حتى تنسج قصة عما يحدث حولنا، وهذا يعني أننا نعيش بشكل ما في الماضي!

 الحل: 📚📚📚 مكتبة ضخمة جدا 

من الكتب المبسطة والمضغوطة على هاتفك مع تطبيق أخضر

تطبيق أخضر يوفر لك آلاف ملخصات الكتب العربية والعالمية بطريقة مقروءة ومسموعة في أكثر من ١٦ قسم في كافة مجالات الحياة 

حمله الآن 😎

جوجل بلاي -- أبل ستور

ومن هنا ظهر ارتباط الوعي بالوهم، إذ يوهمك عقلك أن ما يحدث حولك من حوادث فيزيائية مادية متزامن تمامًا مع التجربة الواعية في اللحظة الحالية، في حين أن الدماغ يعالج كل معلومة ترد إليه بشكل منفصل، ومن ثم تُجمع معًا قبل أن تصل إلى الوعي ككل متكامل، لكن ماذا سيحدث لو توقفت عملية الربط بين المعلومات، هل سيتوقف الوعي كذلك؟

من دون عملية ربط المعلومات في الدماغ قد تشعر بانفصال بينك وبين ذاتك، ونجد أن تلك الحالة تحدث مع من يتناولون عقاقير الهلوسة، أو يمارسون التأمل، إذ يحدث لديهم فصل في الروابط العصبية، مما يقلل من عملية ربط العالم الخارجي بعضه ببعض وتكوين صورة ذهنية عنه، فيشعرون عندئذٍ بانفصال عن الزمان والمكان، ويستشعرون حالة من الطفو والسلام الداخلي، والانفكاك عما عهدوه من أنفسهم، أي انفكاكهم عن ذواتهم، لكنهم مع ذلك يظلون واعين بحالتهم، مدركين لها، فالوعي لا يختلف عند البشر حتى لو فقدوا شعورهم باتصالهم بذواتهم، ومن ثم نبصر أن الوعي مفهوم أكبر من أن ينحصر في عمليات فيزيائية، كإشارات الخلايا العصبية وارتباط بعضها ببعض.

نسير في طرقات الحياة، فنبصر فيها العاقل والمجنون، والذكي والغبي، وكثير من الأضداد التي نميز بها الأشياء بعضها من بعض، وما يترتب على هذا التمييز من أحكام دينية وأخلاقية وعُرفية، لكن أبرز ما نميز به الإنسان من غيره من الكائنات هو قدرته على الوعي والإدراك، لكننا مع تطور الزمان نرى نموذج الروبوت الذي يستطيع ترتيب المعلومات وتطويرها واستيعابها، فهل يمكن أن نطلق على ما لديه كلمة “وعي”؟ فما الوعي؟ وكيف يمكننا إدراكه؟ وما ماهيته؟ وما علاقته بالوهم؟

آناكا هاريس: كاتبة ومحررة، متخصصة في العلوم العصبية والفيزيائية، حرَّرت كتاب “الكذب” لزوجها “سام هاريس | Sam Harris”، كما شاركت في تأسيس جمعية علمية غير هادفة للربح باسم “بروجكت ريزون | Project Reason”، ومن أبرز مؤلفاتها: “أنا أتساءل” وهو كتاب للأطفال، كما شاركت “سوزان كايزر جرينلاند | Susan Kaiser Greenland” في تأليف كتاب “Mindful games, Activity cards”

معلومات عن المترجم: 
أحمد هنداوي: مترجمٌ حاصل على بكالوريوس في العلوم الفيزيائية من جامعة عين شمس عام 1988م، وماجستير العلوم في الفيزياء عام 1992م، ودكتوراه الفلسفة في الفيزياء من جامعة بنسلفانيا عام 1997م، وهو مؤسس “مؤسسة هنداوي” الخيرية لنشر التعليم والثقافة بين المتحدثين باللغة العربية بالاشتراك مع الدكتورة “نجوى عبد المطلب”، كما أسس شركة “نجوى ليمتد” للتعليم، ويشغل منصب كبير المديرين التنفيذيين بها حاليًّا.