الوعي الكامل
الوعي الكامل يعني رؤية الأشياء على حقيقتها دون محاولة تغييرها، وتحليل الاستجابات للمشاعر دون رفض الشعور نفسه، وذلك يؤدِّي إلى تغيير العلاقة بالمشاعر والوعي بها دون الحاجة إلى استبعادها، وعدم الحكم على أنفسنا بسبب مشاعر نشعر بها تلقائيًّا، ويتضمَّن الوعي الكامل اليقظة التي تقاوم تشتُّت الانتباه بين الأفكار والتخيلات والذكريات ليلاحظ العقل ذهابها وإيابها، وتُوَسِّع اليقظة حدود الانتباه وتُحسِّن من دِقَّته، لتساعد على التحرُّر من الأفكار والمشاعر والبقاء في اللحظة الحالية.
ترجع أصول اليقظة إلى علم النفس الشرقي الذي يُقدِّم طريقة للبحث داخل النفس البشرية لاستخراج الأفكار والاستفادة منها، وينظر إلى المشكلات على أنها فُرص للتعلُّم وليست تهديدات علينا الابتعاد عنها، وأن المشكلات العاطفية مؤقتة.
اليقظة الذهنية لها خاصيتان، وهما الانتباه دون إطلاق الأحكام والقدرة على التذكُّر، وهاتان الخاصيتان تسهمان في الوعي بأدق التفاصيل وعدم الانسياق وراء الافتراضات والانطباعات الأولى، وتسهم اليقظة في العلاج من خلال رؤية الأشياء المُعتادة كأننا نراها لأول مرة، وهذا يؤدِّي إلى تنشيط الوعي لأن المخ لا يلاحظ الأشياء المألوفة، وتُهدِّئ اليقظة من الاضطراب الداخلي والمشاعر المتراكمة، ومن خلال اليقظة نستطيع التخلِّي عن محاولة تجنُّب الأفكار المؤلمة أو التحكُّم في الأمور لتأخذ مجراها الطبيعي في الحياة.
البقاء مع المشاعر إلى نهايتها يؤدي إلى ملاحظة تواتر الأفكار والمشاعر، ومن ثم إدراك عدم وجوب الاستجابة لها لرؤية ذهابها ومجيئها، ولا نُعَرِّفُ أنفسنا على أساسها لأنها لا تعبِّر عن حقيقتنا، كما أن البقاء مع المشاعر المختلفة يؤكد طبيعتها المؤقتة، وفكرة إمكانية تغير كل شيء تساعد على التحرُّر من التمسُّك بالأشياء، وتزيد من النمو الروحي، وتساعد على التعامل مع التغيرات التي لا مفر من حدوثها في الحياة كالفقد والمرض والمعاناة، وتساعد على رؤية الأشياء الخارجية بوضوح، إضافةً إلى وضوح العقل، وذلك من منطلق أن هذا الوضوح هو الحالة الطبيعية للعقل، وأن التشتُّت والاضطراب هو الحالة المؤقَّتة، وعندما يهدأ العقل بِفعل اليقظة ويتوافر الوضوح، يكون هناك تقبُّل لتلميحات الحكمة الداخلية، وربما نجد الإلهام لكيفية تغيير حالتنا العاطفية.
الفكرة من كتاب الكيمياء العاطفية: كيف يمكن للعقل علاج القلب؟
تُقدِّم الكاتبة دمجًا لأسلوبين علاجيين نتجت عنهما الكيمياء العاطفية، لتأخذ بأيدينا في رحلة بدايتها الوعي وصولًا إلى النمو الروحي واكتساب الحكمة الداخلية والشفقة على الآخرين، ليكون لتلك الطريقة أثرها في توسيع الوعي، وتخفيف المعاناة والوصول إلى جذورها داخلنا، والتخلُّص من العادات العاطفية المدمِّرة التي نكرِّرها دون وعي في علاقاتنا وفي مواقف حياتنا المختلفة، التي تسبِّب لنا العديد من المشكلات.
مؤلف كتاب الكيمياء العاطفية: كيف يمكن للعقل علاج القلب؟
تارا بينيت: معالجة نفسية، حاصلة على درجة الماجستير، تناولت في أطروحتها رعاية النفس في أثناء تقديم المساعدة للآخرين، ثم تطوَّرت إلى ورشة عمل للمختصِّين وبرنامج تعليمي لكبار السن، وقدَّمت العديد من ورش العمل في الكيمياء العاطفية في الدول المختلفة، وقد تطوَّرت لبرنامج للمختصين، درست وتدرَّبت مع أساتذة عظماء ورائدين في التأمُّل والعلاج النفسي، ومنهم الدكتور جون كابات- زين والدكتور جيفري يونج، وقامت برحلات إلى آسيا، وتعلَّمت طقوس الشاي وتصفيف الأزهار والرقص الهندي والممارسات الروحية الآسيوية، ودرست ومارست تعاليم التأمُّل لسنوات كثيرة.
من مؤلفاتها:
Mind Whispering: How to break free from self-defeating emotional habits
Radically Happy: A User’s Guide to the Mind
معلومات عن المُترجم: مكتبة جرير.