الوصول بدلًا عن الملكية
الوصول بدلًا عن الملكية
في عصرنا هذا صار الوصول أهم من الملكية، فعالم الإنترنت منحنا ما هو أشبه بمتجر تأجير سحري عملاق، يمكننا أن نستعير منه أي شيء فنحصل على معظم مميزات الامتلاك وقليل من عيوبه، ولا نتحمل مسؤولية الصيانة والتخزين، وهناك خمسة اتجاهات تكنولوجية تسرِّع توَجُّهنا إلى الوصول وابتعادنا عن الملكية، أولها نزع الصفة المادية بتصغير الحجم والكتلة حيث تقلَّصت التلفزيونات الضخمة إلى شاشات رقيقة وصارت الهواتف التي كانت توضع على الطاولات سهلة الحمل في الجيب، وباستبدال الأشياء الملموسة بأشياء غير ملموسة مثل تصميم أفضل وإضافة شرائح ذكية وتوصيل بالإنترنت، وبالانتقال من المنتجات إلى الخدمات، من ملكية تشتريها إلى وصول تشترك به، ويصبح لدينا المستهلك المنتِج الذي يسهم في تحسين البرمجيات، والثاني هو أن حاجاتنا أصبحت تحت الطلب في الزمن الحقيقي، أي أننا نريد ما نحتاجه بسرعة فورية، وشركات مثل أوبر توفر خدمة الوصول عند الطلب لنا، إذ تأخذ أصولًا غير مستخدمة لبعض الوقت وتوفرها لمن يحتاجها الآن، أما الثالث فهو اللامركزية الحتمية لعوالم الشبكات، حتى مع المال الذي كان يتطلَّب مصرفًا مركزيًّا لضبط تعاملاته؛ فقد ظهرت البيتكوين التي لا تحتاج إليه وإنما تعتمد على الـblock chain، والرابع متمثل في المنصات متعددة الجوانب، التي تستخدم مزودين خارجيين لرفع قيمتها مثل ميكروسوفت مستخدمةً البرمجيات وفيسبوك مستخدمةً البيانات، والتي تمكن خدمات ومنتجات مختلفة معتمدة على بعضها من العمل داخلها في تعاون وتنافس كما على أمازون التي تبيع الجديد والمستعمل في آنٍ واحد.
والأخير هو الخدمات السحابية، إذ إنها بيانات مترابطة ترابطًا تشعبيًّا في مستعمرة كبيرة للحواسيب التي تُدمج معًا وتعمل كحاسوب واحد عملاق، ويمكن للسحابة أن تؤدي العمل وتخزن ما نحتاج وتكون حواسيبنا كنافذة مطلة عليها؛ أي إننا لا نملكها بل نملك الوصول إليها.
الفكرة من كتاب الحتمي.. فهم القوى التكنولوجية الـ12 التي ستشكِّل مستقبلنا
تتقدَّم التكنولوجيا وتتوسَّع بسرعةٍ كبيرة جدًّا، أكبر من قدرتنا على تهذيبها وترويضها، ومواجهتها بالصد أو التجاهل سيأتي بنتائج عكسية، لذا علينا أن نقبلها بشكلٍ يقِظ، وهذا الكتاب بمثابة دليل يُساعدنا على فهم القوى التكنولوجية المتداخلة التي تشكِّل مسارات التطور.
مؤلف كتاب الحتمي.. فهم القوى التكنولوجية الـ12 التي ستشكِّل مستقبلنا
كيفن كيلي : كاتب ومصور ومتحدث أمريكي، ولد سنة 1952، مهتم بالثقافة الرقمية والثقافة الآسيوية، من مؤلفاته: “ما تريده التكنولوجيا ?What Technology WantK” و”جمال آسيا Asia grace”، و”أدوات لطيفة: قائمة بالاحتمالات Cool Tools: A Catalog of Possibilities”، وكتابه الذي بين أيدينا يُعد من الكتب الأفضل مبيعًا على قائمة نيويورك تايمز.
معلومات عن المترجم:
عبد الرحمن أياس: باحثٌ وكاتب ومترجم لبناني، تولى مناصب صحفية كثيرة، وهو مهتم بالاقتصاد والتكنولوجيا والمجتمع والسياسة، ومن أعماله: “التقشُّف” لمارك بلايث الصادر عن عالم المعرفة، و”التسعينات الهادرة” لجوزيف ستيغليتر، و”البندقية وغصن الزيتون” لديفيد هيرست.