الورد الصامت!
الورد الصامت!
ومن الأوراد المُعينة والمخلِّصة للأنفس من تعلُّقها بملذات الدنيا أو شهوات أو مباحات هو وِرد الصيام. وللصيام فضل على غيره من الأوراد، فكلها معلومة الأجر عند العباد والملائكة أنفسهم إلا الصوم فإنَّه مما يجازي الله صاحبه بأجر لا يعلمه أحد لِما كان من ترك العبد طعامه وشرابه وشهوته تركًا خالصًا لا يبتغي بذلك إلا وجه الله تعالى مصداقًا للحديث القدسي الذي رواه النبي عن ربه سبحانه: “كل عمل ابن آدم يُضاعف: الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف! إلى ما شاء الله! قال الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به! يدع شهوته وطعامه من أجلي”.
والصوم الحق هو ما يتحقق به مقصد الذِّكْر، بالانقطاع عن كل شاغل وصارف والانشغال بالله وحده فقط، ففي الصوم يُوظَّف جسدك كله للانقطاع والتفرُّغ للعبادة وتُوظَّف نفسك أيضًا وتترفَّع عن اللغو والفحش من الحديث أو الرد إلا ما كان في مقام التعبد أو مما يكون من ضرورات الحياة، فيصفو بذلك الجسد وتصفو النفس ليعيش المسلم لحظات يجد فيها نفسه كلها لله!
ومن أوراد الصيام التي ينصح المؤلف بأن يكون لك نصيب منها وِرد الأيام البيض، وهي ثلاثة أيام من كل شهر عندما يكتمل القمر بدرًا في الأيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وكان النبي ﷺ حريصًا مداومًا عليها لا يتركها في سفر ولا حضر، وأما الوِرد الآخر فهو وِرد صيام يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع، وهما يومان تُرفع فيهما الأعمال إلى الله تعالى، ولمن لا يستطيع هذا ولا ذاك فليتحرَّ الأيام الموسمية ذات الأجر العظيم كيوم عرفة ويوم عاشوراء والست من شوال بعد رمضان.
الفكرة من كتاب ميثاق العهد في مسالك التعرف إلى الله
العبد في هذه الحياة مسافر سائر إلى الله تعالى وهو في سفره هذا مُحتاج إلى زادٍ دائم ولو كان قليلًا، زادٌ من عند الله يعينه ويثبته ويذكره إذا نسي، فالملهيات كثيرة والمشتتات تلتهم حياته وتسرق عمره والصوارف عن الطاعة تتطور حينًا بعد حين، لذا لزمه مُعين ومهوِّن وضابط.
عن هذا الزاد وأنواعه وفضله، وكيف يجعل العبد لنفسه منه نصيبًا، ومتى يتحراه وممن يأخذه، يمدُّ الكاتب يده بهذا وأكثر مزودًا هذا السائر المسكين بما يحتاج إليه حقًّا في سفر الحياة.
مؤلف كتاب ميثاق العهد في مسالك التعرف إلى الله
فريد الأنصاري: كاتب وعالم دين وأديب مغربي، وُلد بإقليم الرشيدية جنوب شرق المغرب وتوفي في تركيا لكنه دُفن في المغرب.
حصل على الإجازة في الدراسات الإسلامية من جامعة السلطان محمد بن عبد الله بمدينة فاس في المغرب، وكان عضوًا برابطة الأدب الإسلامي العالمية وأستاذًا بمركز تكوين الأئمة والمرشدات بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمدينة الرباط. من أهم كتبه ومؤلفاته:
مفهوم العالِميّة.
كاشف الأحزان ومسالح الأمان.
هذه رسالات القرآن فمن يتلقاها.
الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب.