الوحدة الألمانية وما بعدها
الوحدة الألمانية وما بعدها
على الرغم من نجاح أباطرة أوروبا في إبعاد نابليون وإخماد جذوة الثورة الفرنسية، فإن مبدأ القوميات راح يدخل حيز النفاذ، فألهبت روح القوميات مشاعر الشعوب الأوروبية، فتكونت الجمعيات الثورية التي تهدف إلى إقامة دول على أساس الرابطة الطبيعية المتمثلة في القومية، لكن هذه الحركة التي بدأت ثوراتها في الانتشار منذ عام 1814 في معظم أرجاء أوروبا في إيطاليا وألمانيا وإسبانيا، وحتى في مستعمرات أمريكا الجنوبية، لم تنجح في تغيير واقع القوى في أوروبا حينها، وإن استطاعت بعض بلدان العالم الجديد أن تحصل على استقلالها من أمثال: البرازيل وشيلي والمكسيك وفنزويلا خلال العقد الثاني من القرن التاسع عشر.
ولم تفلح الحركات الثورية في أوروبا في تحقيق أهدافها إلا بعد النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فتوحدت إيطاليا عام 1861، ثم تبعتها الوحدة الألمانية بعدها بعشر سنوات على يد المستشار البروسي بسمارك الذي آمن بفكرة الوحدة، وبضرورة تجميع شتات هذه الدويلات الألمانية تحت دولة واحدة، بل خاض من أجل ذلك حروبًا مع النمسا وفرنسا وسَّع بموجبها رقعة الدولة الجديدة، وبهذا تحوَّلت مملكة بروسيا إلى الدولة الألمانية الموحدة، وتحول المستشار بسمارك معها إلى المخطط الأول لسياسة الوحدة الجديدة خارجيًّا.
وبذلك بدأ عصر جديد للتحالفات بقيادة بسمارك الذي هدف إلى عزل فرنسا الدولة التي هزمها واقتطع من إقليمها، فأخذ يعقد تحالفات مع القوى الأوروبية الكبرى: النمسا وروسيا وإنجلترا وإيطاليا؛ خلال هذه المعاهدات أضحت ألمانيا رقمًا مهمًّا في معادلة القوة الأوروبية، ومُرجحة لأي تحالف تكون طرفًا فيه، كما تمكَّن من الحفاظ على توازن القوى السائد في أوروبا دون أن تسبب أي قوى إخلالًا جسيمًا به، أو أن تصل قواه الكبرى إلى حالة حرب شاملة رغمًا عن الأزمات التي وقعت في البلقان، بؤرة الصراع المشتعلة آنذاك بين الدولة العثمانية وروسيا من جهة، وروسيا والنمسا المتاخمة للدولة العثمانية وإنجلترا من جهة أخرى.
الفكرة من كتاب التاريخ الدبلوماسي
إذا كنت تريد أن تعرف الحاضر وتتنبَّأ بالمستقبل، فعليك أن تقرأ التاريخ، ولما كان التاريخ هو ذاك العلم الذي يدرس التطور البشري في مجمله، ولما كان من العسير جدًّا أن نقرأ تطور التاريخ البشري في مؤلف واحد، فإن من الضروري تقسيم هذا التطور إلى أبعاد ومحاور موضوعية، نتمكن من خلالها تتبع التطور والتغير البشري في هذا المسار أو ذاك، وكتاب التاريخ الدبلوماسي هو أحد كتب التاريخ التي تتبع مسار البشرية في أبعاد تفاعلها على المستوى الدولي، خلال فترة زمنية مُحددة، كان لها تأثيرها البالغ في حياة كثير من الشعوب والأمم ولا تزال آثارها حاضرة حتى الآن.
مؤلف كتاب التاريخ الدبلوماسي
ممدوح منصور، وأحمد وهبان أستاذان في العلاقات السياسية الدولية، يشغل الأول – حاليًّا – منصب رئيس قسم العلوم السياسية بكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية جامعة الإسكندرية، في حين عُيِّن وهبان عميدًا للكلية ذاتها.
لهما عدد من المؤلفات المشتركة، منها: مدخل إلى علم العلاقات الدولية، ومقدمة في العلوم السياسية. ولمنصور كتب حول: الصراع الأمريكي السوفييتي في الشرق الأوسط، وسياسات التحالف الدولي، والعولمة، أما وهبان فصدر له مؤلفات: الصراعات العرقية واستقرار العالم المعاصر، والعلاقات الأمريكية الأوروبية.