الوجبات السريعة
الوجبات السريعة
لقد استطاعت الرأسمالية خلال السنوات التالية للانفتاح الاقتصادي في مصر أن تقوم بتغيير أنماط الاستهلاك لدى المجتمع المصري، ومن أهم الشهادات التي توضح هذا التحول في نمط الاستهلاك هي شهادة الرسام “هاني المصري” التي تبيِّن لنا قصة خلق “كيمو كونو”، فخلال عمل هاني المصري في التسويق طُلِب منه أن يقوم بإعادة تصميم شعار “الآيس كريم” الذي تنتجه سلسلة مطاعم “جروبي” الشهيرة، وكان الشعار القديم يحمل صورة “بقرة” كدلالة على أن اللبن المستخدم هو لبن طبيعي، بينما أصبح الشعار الجديد عبارة عن “دُب أزرق” يرمز إلى “كيمو” الذي يدخل في إنتاجه النكهات الصناعية والمواد الحافظة.
وبالتالي تحول المستهلك من كونه يعتمد على أسباب عقلانية في شراء المنتج (مثل أن اللبن المستخدم في الآيس كريم هو لبن طبيعي) إلى اعتماده في الحقبة الجديدة على صورة المُنتج الجذابة بغض النظر عن كون المنتج صحيًّا وطبيعيًّا أم غير ذلك، وبناءً على ذلك فالشركات والمصانع قبل عصر الانفتاح كانت تستخدم أسماء عضوية تعبر عن الوظيفة التي تؤديها، بينما بعد عصر الانفتاح صار الأساس هو تسويق المنتج وتقديمة للجمهور في صورة جذابة، ومن هنا أصبحت آلة الدعاية والتسويق تربط المستهلك المصري بالعلامات التجارية الرأسمالية الضخمة في الوقت الذي لا يعرف فيه المستهلك -غالبًا- أي معلومات عن المنتج أو السلعة، كما أنه لا يهتم بمكونات إنتاجها وما أضرارها، وإلى جانب ذلك فقد لا يهتم بالسعر الحقيقي للمنتج تحت ضغط الدعاية التسويقية الضخمة.
ومع تراجع دور القطاع العام أمام هيمنة القطاع الخاص أصبح عدد ساعات العمل أطول، مما أسَّس لوجود ثقافة استهلاكية جديدة تتماشى مع هؤلاء المستهلكين الذين يقومون بقضاء أغلب أوقاتهم في مواقع العمل، فظهرت الوجبات الخفيفة والوجبات نصف الجاهزة التي يقومون بطهيها بسرعة عند العودة إلى المنزل، وبالتالي انتشرت الشركات التي تستثمر في صناعة الغذاء، وبالتحديد الاستثمار في (الوجبات السريعة) مثل ماكدونالدز وكنتاكي وغيرهما.
الفكرة من كتاب مُلَّاك مصر.. قصة صعود الرأسمالية المصرية
يبحث هذا الكتاب قصة صعود الرأسمالية في مصر منذ حُكم محمد علي باشا، ومراحل تطورها خلال فترة حكم الأسرة العلوية لمصر وظهور فئة الملاك الزراعيين التي شكَّلت البرجوازية المصرية في تلك الفترة، مرورًا بالإصلاحات التي قام بها نظام يوليو 52 وما تبعه من انغلاق اقتصادي وإنشاء المصانع وخلق فرص العمل، بالإضافة إلى تسليط الضوء على فترة الانفتاح الاقتصادي والسوق الحرة في عهد السادات وما بعدها في عهد مبارك وأثر هذا الانفتاح في مراكمة رأس المال وبزوغ نجم الرأسمالية وشيطنة العشوائيات والترويج لثقافة الكومباوند والمُدن المسوَّرة، إلى جانب تغيير نمط الاستهلاك وانتشار ثقافة الوجبات السريعة.
مؤلف كتاب مُلَّاك مصر.. قصة صعود الرأسمالية المصرية
بيسان كساب، كاتبة صحفية مصرية متخصصة في الاقتصاد، والكاتب الصحفي عمر غانم، والكاتب الصحفي كريم مجاهد، والكاتبة الصحفية آلاء مصطفى، والكاتب الصحفي عبد الحميد مكاوي، والكاتب الصحفي أسامة دياب، تحرير الكاتب الصحفي محمد جاد.