الوباء العالمي
الوباء العالمي
كم مرة عانى المرء فتورًا فسمع كلمة من صاحب، أو درسًا من إمام فرقَّ قلبه وعلت همَّته، والحكيم من طلب لنفسه الموعظة واقتدى بصحابة رسول الله ﷺ، إذ كانوا يبادرون ويسألونه أن يوصيهم ويعظهم وينصح لهم، وكان ولاة أمر المسلمين يطلبون الموعظة ممن يرونه أهلًا لها، والموعظة الصادقة خير من مال الدنيا، وهي علامة المحبة إن أتتك دون أن تطلبها، وتكون الموعظة عند الفتور وضعف الإيمان، أو عند السفر وغياب الرقيب والصحبة الصالحة، وعند الوقوع في الذنب، وعند الفتن وإقبال الدنيا، فاختر واعظًا صاحب قلب صادق حي، وصاحب علم وخبرة.
عن عائشة (رضي الله عنها) عن النبي ﷺ قال: “لا يقل أحدكم ما خبثت نفسي ولكن ليقل لقِسَت نفسي”، أي: تغيرت وتكدرت، ويؤخذ من ذلك كما يقول بن حجر استحباب تجنُّب القبيح من اللفظ كالخبث، وألا يضيف المرء لنفسه قبحًا بل خيرًا، ويقطع الصلة بينه وبين أهل الشر حتى في اللفظ، ولا يخرج نفسه من الطيبين فيلحقها بالخبيثين، فالكلمة تصنع صاحبها، فكان عبد الله بن عباس يكره أن يقول إني كسلان، فمثل ذلك النعت يهوي بصاحبه ولا يرفعه.
لقد غدا الكسل وباءً عامًّا بسبب عدم وجود هدف موحَّد تجتمع عليه الأمة، مع انتشار حالة الإحباط واليأس لدى الكثيرين، فصار ضروريًّا أن تكون هناك أهداف اقتصادية تحرِّر الأمة الإسلامية من تبعيتها للغرب، فتنتج ما تأكل وما تلبس، وما تحمي به نفسها من الحاجة والبطش، وأن تمتلك إرادة سياسية مستقلة تجعلها ندًّا لغيرها من الدول لا تابعة لها، وأن تكون هناك أهداف إيمانية، تأخذ بيد الناس إلى رحاب الله وإلى الهداية، وكلما ضعفت تلك المحاور حلَّ مكانها السفه والمنكرات والضياع.
الفكرة من كتاب الحرب على الكسل
الكسل هو التثاقل عن الأشياء المهمة، وهو داء يجر الوبال على صاحبه، إذ لا يأخذ من دنيا المرء فقط، بل من دنياه وآخرته كليهما، وكلما ازداد المرء كسلًا، أصابه الفراغ والتبلُّد، يقول الإمام الراغب: “من تعطَّل وتبطَّل انسلخ من الإنسانية، بل من الحيوانية، وصار من جنس الموتى، لأن الفراغ يبطل الهيئات الإنسانية، فكل عضو تُرِك استعماله يبطل، وكما أن البدن يتعوَّد الرفاهية بالكسل، كذلك النفس بترك النظر والتفكُّر تتبلَّد وتتبلَّه، وترجع إلى رتبة البهائم”.
مؤلف كتاب الحرب على الكسل
خالد أبو شادي: طبيب صيدلي وداعية إسلامي، ولد في مصر عام 1973، درس في الكويت ثم أكمل دراسته الجامعية بالقاهرة، له كتب ومحاضرات توعوية متميزة، وعُرف بعنايته بتزكية القلوب والجانب الإيماني، ويتميَّز أسلوبه بالسهولة والقرب لكثير من الشباب.
من مؤلفاته: “أول مرة أصلي”، و”ونَطق الحجاب”، و”صفقات رابحة” و”بأي قلب نلقاه”، و”هبِّي يا رياح الإيمان”، وله برنامج تلفزيوني بعنوان “وتستمر المعركة”.