الوالدان.. مرآة الطفل
الوالدان.. مرآة الطفل
يتأثر جوهر شخصيتنا بصورتنا الذاتية التي تتكون لدينا منذ الطفولة من خلال معاملة الآخرين لنا وآرائهم عنَّا، فالطفل الرضيع لا يملك إحساسًا بذاته وليس لديه معرفة داخلية بهيئته وملامحه وشخصيته، وهذا يفسر عدم تعرُّفه على نفسه إذا نظر في المرآة، بل يظن أن من ينظر إليه شخصٌ آخر.
لذلك يُعد الوالدان مرآة الطفل التي يكتسب منها صورته الذاتية وأفكاره عن نفسه خلال السنوات الأربعة الأولى من حياته، فإذا ابتسم والداه يعلم أنه شخصٌ محبوب، وإذا احتضناه يعلم أنه آمن، وإذا استُجيب لبكائه يعلم أنه ذو قيمة، أما إذا حدث العكس فإنه يكتسب صورة عن نفسه تنعدم فيها قيمته ويتدنَّى احترامه لذاته، ويستمر الطفل طوال مراحل النمو في اكتساب معلومات عن نفسه من خلال المحيطين به كالأصدقاء والمعلمين والأقارب، تؤثر في مدى احترامه لذاته.
يتعزز إحساس تدنِّي احترام الذات لدى الطفل بسبب سلوكيات الوالدين السلبية في أثناء عملية التربية، التي تهاجم التطور العاطفي للطفل وتدمر إحساسه بقيمته الذاتية، كالإساءات اللفظية والإهمال والحماية المفرطة والانتقاد المستمر والاستبداد، وهذا لا يشمل المواقف والأفعال السلبية العرضية التي يمر بها الوالدان أحيانًا عندما يفقدان السيطرة بشكل مؤقت.
وتتكون لدى الطفل ذكريات واعية وغير واعية عن لحظات القسوة والتوبيخ وتتشوه صورته الذاتية، ويصبح الطفل أكثر قلقًا وشرودًا ويميل إلى اللا مبالاة والعدوانية والانطواء وتنعدم لديه الرغبة في تطوير مهاراته، وعندما يتعرض الطفل لسوء المعاملة باستمرار لا يتوافر لديه مجال لتصويب هذه الإساءات، فيتجه إلى لوم نفسه والبحث في داخله عن عيوب تفسر استحقاقه لإساءات والديه، وعلى المدى البعيد يتشكل لدى الطفل “الناقد الداخلي”، وهو صوت الوالدين الناقد والرافض للطفل، وعندما يكبر الطفل يهاجمه بشراسة ليذكره بأخطائه وعيوبه ويقنعه بأنه يجب أن يبذل مجهودًا مضنيًا ويحقق إنجازات لكي يكون شخصًا مقبولًا ذا قيمة.
أما الأطفال الذين نشؤوا في بيئة إيجابية تلقوا فيها الاحتضان والدعم والاحترام فإن شعورهم بقيمتهم الذاتية يكون قويًّا، ويصبحون مبدعين واثقين بأنفسهم وينمو لديهم إحساس احترام الذات الذي يعد انعكاسًا لمدى رضا الشخص عن نفسه.
الفكرة من كتاب مداواة جراحك العاطفية والنفسية برنامج قوي لمساعدتك على زيادة احترامك لنفسك وتهدئة الناقد داخلك والتغلب على شعورك بالخزي
هل تعاني انعدام الأمن أو كراهية الذات؟ هل تشعر بأنك لا تستحق الأشياء الجيدة ومجبر على بذل مجهود لكسب احترام الآخرين ورضاهم؟ هل تملك صوتًا داخليًّا يهاجمك في أوقاتك العصيبة ليخبرك كم أنت سيئ وعديم القيمة؟ هل تتعمد إيذاء نفسك أو الآخرين؟ هل تتجنب النظر في المرآة؟!
إذا أجبت بنعم عن أحد تلك الأسئلة فأنت في حاجة إلى قراءة هذا الكتاب، فالإساءات العاطفية بما تتضمنه من الإهمال والاستبداد والحماية المفرطة في أثناء مرحلة الطفولة هي السبب وراء انتشار مرض الاكتئاب واضطرابات الشخصية الحديَّة والشخصية النرجسية وارتفاع نسب الانتحار في زمننا هذا، ويهدف هذا الكتاب إلى مساعدتك على التعافي من خلال برنامج تدريبي يعتمد على تمارين وواجبات أسبوعية، مُصمَّمة لمعالجة الضرر الناتج عن إساءات الوالدين في أثناء مرحلة الطفولة والتغلب على ميول لوم النفس والتدمير الذاتي.
مؤلف كتاب مداواة جراحك العاطفية والنفسية برنامج قوي لمساعدتك على زيادة احترامك لنفسك وتهدئة الناقد داخلك والتغلب على شعورك بالخزي
بيفرلي إينجل:معالِجة متخصصة تمتلك خبرة ٣٥ عامًا في مجال علاج الاضطرابات النفسية الناتجة عن المشكلات العاطفية والأسرية والعنف المنزلي، قدمت خبراتها في عديد من البرامج الحوارية في كندا وأمريكا كبرنامج “أوبرا”، رُشحت لجائزة “the Books for a Better Life” عن كتابها “قوة الاعتذار”، ولها عديد من المؤلفات منها:
The Power of Apology: Healing Steps to Transform All Your Relationships.
It Wasn’t Your Fault.
Freedom at Last.
معلومات عن المترجم
《أ. د. مُحيِي الدِّين حُميدي》: أستاذ باحث في “جامعة Lund” بالسويد، حاز جائزة “خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة”، ترجم ما يزيد على ٣٠ كتابًا في اللسانيات ونظرية الترجمة وطب العين والتربية الخاصة.