الواقع والأيديولوجيا
الواقع والأيديولوجيا
تُعرف الأيديولوجيا بأنها الإطار القيمي الذي يتخذه أحد أطراف اللعبة السياسية، ويعتقد أنه هو الذي يمكنه تنظيم شتَّى مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فهي بمثابة المشروع الذي يريد أن يُدخل البشرية تحت مظلَّته، بل هي خطَّته للهيمنة على العالم، ولا يعني أن رجل السياسة عليه أن يرى الواقع كما هو، هو أن يتخلَّى عن أيديولوجيته، أو إطاره القيمي، بل عليه أن يجعله يضع أهدافه صوب عينه دائمًا، ولكن عليه أيضًا أن ينظر إلى المُمكن في الواقع؛ فيحاول تحقيق المكاسب حتى في أسوأ الظروف.
إن القادة لا يطالبون الواقع بأن يتغيَّر، بل يطوِّرون استراتيجيات كفيلة بتغييره رغم تعقيده، فما يميِّز الفاعل السياسي المُحنَّك عن غيره، هو أنه لا يتشتَّت في أهدافه؛ فمثلًا عُرِض على الخُميني قبيل الثورة الإسلامية في إيران أن يقوم الشاه بعمل تعديلات في نظام الدولة ودستورها، أو عمل مرحلة انتقالية تأتي بعدها حكومة أخرى، وكان الرد على كل هذه الاقتراحات هو الرفض التام، فالهدف هو اقتلاع النظام من جذوره وبناء آخر على أسسٍ جديدة.
وقد يلجأ رجال الدولة عادة إلا إلهاء الأطراف السياسية الأخرى بمكاسب هشَّة، يمكنه أن يشغلهم بها في مرحلة ما لكسب الوقت لزيادة قوته، ويستردُّها منهم عندما تتحسَّن الظروف لصالحه؛ فعندما قامت حركة السود في أمريكا ضد التمييز العنصري عملت السلطات لتفريقهم وتشتيت جهودهم، وطالبتهم بالعمل ضمن النظام الحزبي القائم فاحتوتهم داخلها، وذلك بخلاف تجربة المعارضة الصربية عام 2000 بأن تمسَّكوا بمطالبهم بإسقاط النظام، وهو ما قد كان.
الفكرة من كتاب قواعد في الممارسة السياسية
إن هذا الكتاب -وبعكس الكثير من الكتب السياسية التي إما أن تمدح هذا الفن وتلك الممارسة، وتمدح المُشتغلين في المجال السياسي، وإما أن تذمُّه، وتذمُّ المُشتغلين فيه وتصفهم بأشنع الأوصاف- يقدِّم رؤية متوازنة حول قواعد ممارسة العمل السياسي، فهو ليس كتابًا عمليًّا يغوص بك في عالم المفاهيم والنظريات المُعقَّدة، وإنما كتاب يُرشدك إلى أسس فهم عالم السياسة في حركته من منطلق علمي مُبسَّط.
مؤلف كتاب قواعد في الممارسة السياسية
جاسم سلطان: طبيب ومؤسِّس مشروع النهضة: سلسلة أدوات القادة، من مواليد قطر 1965، ترك الطب ليتفرغ للإجابة عن سؤال كيف ننهض؟ فأخذ رحلة علمية بين العلوم الاجتماعية والإنسانية والإسلامية لاقتناعه بمحوريتها في أي مشروع للنهضة، فألَّف مجموعة من كتب المبادئ الأولية، وأعطى عددًا كبيرًا من الدورات لفهم السياسة والاقتصاد والجغرافيا والفلسفة.
من أبرز مؤلفاته: فلسفة التاريخ: الفكر الاستراتيجي في فهم التاريخ، وقوانين النهضة: القواعد الاستراتيجية في الصراع والتدافع الحضاري، والذاكرة التاريخية: نحو وعي استراتيجي بالتاريخ، وأنا والقرآن: محاولة للفهم، وخطواتك الأولى نحو فهم الاقتصاد، وجيوبولتيك: الجغرافيا والحلم العربي القادم: عندما تتحدَّث الجغرافيا.