الهِجْراتُ والغزواتُ في العصورِ القديمة
الهِجْراتُ والغزواتُ في العصورِ القديمة
في التاريخ القديم، لم تكن الهجراتُ والغزواتُ مُخططةً بطريقةٍ واعية، بل كانت تحركاتٍ غريزيةً بِدائية، ولكن مع تطور الحضارة وازديادِ نُموِ المجتمعات، بدأتِ الحركاتُ البشريةُ تأخذُ بالتدريجِ اتجاهًا نحو الاستعمار؛ الاستعمار بمعنى سيطرةٍ مُنظمةٍ لجماعةٍ على جماعة أخرى.
عادة ما تتشكلُ هذه المعادلةُ بشكل بيئتها الجغرافية؛ فإما الصراعُ بين الرملِ والطين، وإما بين الجبل والسَهْل، وإما بين الإستبس والغابة.
معادلةُ الرمل والطين: نجدها في هِجْراتِ الرُعاة وغزواتهم من الصحراء إلى الأراضي الزراعيةِ المجاورة، على سبيل المثال، غزواتُ الأراميين، والكنعانيين، والعِبْرانيين.
معادلةُ الصراع بين الجبل والسهل: نجدها في رعاة الجبل الذين يَهبِطون على السُهُول وينقضون عليها، على سبيل المثال، نزولُ المِيتاني والمِيدين من مرتفعات الأناضول، للهلال الخصيب.
الصراع بين الاستبس والغابة: هو لم يكن استعمارًا بقدر ما كان تخريبًا، ولم يُنشئ دولاً أو إمبراطوريات، مثلما حطّمَ دُولاً وإمبراطوريات. مثالٌ على ذلك، الإستبسُ الآسيويُ الذي مَثّلَ دائمًا إعصارًا، لَفَظَ مَوجاتٍ بشريةٍ مُتتابعة، تُهاجِمُ الأراضيَ الزراعيةَ المُحيطةَ بها.
الفكرة من كتاب استراتيجية الاستعمار والتحرير
يعتبر كتاب “استراتيجية الاستعمار والتحرير”، مدخلاً إلى علم الجغرافيا السياسية؛ حيث يأخذُكَ المؤلفُ في رحلةٍ؛ لاستكشافِ قوانينَ الجغرافيا والتاريخ، ويحللُ، لماذا قامتِ الإمبراطورياتُ والدولُ، بدايةً من فجر التاريخ إلى تاريخ إصدار الكتاب عام 1968.
كما يعرضُ أيضًا تاريخَ الاستعمار، لفَهْمِ دوافعِهِ ومآلاته؛ ثمّ يعرضُ حركاتِ التحرّر التي هدمت بُنْيَانَه.
مؤلف كتاب استراتيجية الاستعمار والتحرير
يُعتبر “جمال محمود صالح حمدان”، أحد أعلام الجغرافيا في القرن العشرين.
ولد “جمال”، بمحافظة القليوبية، في مصر عام 1928م، ونشأ في أسرة تنحدر من قبيلة “بني حمدان” العربية، التي نزحت لمصر بعد الفتح الإسلامي.
تمتاز كتاباته برؤية استراتيجية متكاملة للمقومات الكلية، للتكوينات الجغرافية والبشرىة والحضارية، ورؤية لعوامل قوتها وضعفها؛ فهو لم يتوقف عند تحليل الأحداث الآنية أو الظواهر الجزئية، وإنما سعى إلى وضعها في سياق أعم وأشمل، ذو بعد مُستقبلي.